يمثل التُراث القديم في ثقافات الشعوب عاملًا هامًا لدى الفنانين، كما يَضفي على مُتذوقي الفن تذوقًا فنيًا رفيعًا. يحمل التُراث بين ثناياه سِمات من الطبيعة وسِمات من أثرها على الفنانين وعلى أفراد المُجتمع، غالبًا يلجأ الفنانون المعاصرون إلى التُراث يستلهمون منهُ إبداعهم الفني؛ فيستوحون من الأشكال والألوان تعبيرات تشكيلية يضيفون بها على التراث إبداعًا؛ لذلك ترى أحيانًا علامات من التراث القديم في أعمال الفنانين.
أحيانًا يبدو التُراث القريب أكثر تأثيرًا على الفنانين ومُتذوقي الفن من التُراث البعيد، نرى أثر ذلك جليًا مثلًا في تناول بعض من الفنانين العرب الحروف والكلمات العربية كعناصر تشكيلية في إبداعهم الفني؛ مما يوحي بتأثر الفنانين بالتُراث القريب أكثر من التُراث البعيد، بالطبع تتنوع أساليب الفنانين حسب أساليبهم الشخصية، وحسب المناطق وطبيعتها، وبيئتها، وإن تشابهت.
و لا ريب أن الفنون القديمة لها أثر على الفنون الحديثة. فمثلًا الفنون القديمة لدى العرب كان لها أثر على الفنانين وسكان المنطقة قبل مجيء الإسلام في حضارة اليمن الأولى؛ حيث بقيت فيهم آثاره فلما اندمجوا في الحضارة الإسلامية، وترعرعت فنونهم ظهر منهم فنانون على مقدرة فنية مُدهشة تحمل أعمالهم سِمات من عناصر بعيدة مُمتزجة بسِمات من عناصر قريبة، و لحُسن الحظ أشاد بها بعض المؤرخين في أبحاثهم، ولكنها جاءت مُتناثرة لا يهتدي إليها الباحث إلا بالصُدفة.
فنان وناقد تشكيلي
هولندا / أمستردام