من محاسن الصدف أنني أكتب لك هذا المقال يا صديقي، وأنا أشاركك ذات المرض، ولقد تحدثت عن ذلك في مقال سابق.. ولقد رأيت، وعايشت الكثير من المشاهدات التي تحصل لمريض السكر في يومياته حفزتني لكتابة هذا المقال.
نحتاج إلى الكثير من النبل في علاقتنا بمريض السكري، أقولها وأنا أشاهد الكثير، وللأسف يأخذ أقصى التطرف في التعامل مع المصاب بهذا المرض؛ وذلك عندما يقول له بدهشة: (فلان أصيب بالسكر فقطعت قدمه! وفلان عمي بسببه! وفلان سقط في الطريق! وفلان جاءته غيبوبة أثناء منامه!) وغيرها من الكلمات الجارحة. والتي إذا لم يستعد لها مريض السكري بشكل جيد ستؤثر على نفسيته، مما قد يرفع له السكر.
ومن المشاهدات أيضًا هي عدم عناية الكثير من المطاعم بمريض السكر، فيقدم لك الطعام بلا خبز القمح المفيد له٬ ولا تضع غالب محال العصائر عصيرات خالية من السكر. باختصار وبعيدًا عن التفاصيل كثير من الأماكن لا تضع أي حساب لمرضى السكري. رغم أنهم يشكلون 20% من عدد سكان السعودية وفق آخر إحصائية عام 2018.
ولقد لاحظت أيضًا أن هنالك الكثير ممن أصيبوا به يخبئونه كسر خطير. لا أدري صراحة هم يخافون من المرض أم يخافون من ردة فعل المجتمع؟ وتخبئتهم له تجعلهم يضطرون في كثير من الأوقات لمجاملة الناس في المأكل والمشرب على حساب صحتهم؛ مما يضرهم أكثر فأكثر.
قلها بصوت عالٍ لا تخشى أحد: (أنا مصاب بمرض السكر).. واجه مشكلتك بكل ثبات، وحولها من محنة إلى منحة.. اذهب إلى السكر ولا تهرب منه.. استخدم الدواء وفق توجيهات الطبيب، واهتم بأمر الأكل والشرب الذي لا يرفع لك السكر، وحافظ على الرياضة بشكل شبه يومي.
والأهم من ذلك كله ابتعد تمام البعد عن الاسترسال في الهموم، والتفكير في عراقيل الحياة.. باختصار كن إيجابيًا دائمًا، وابتعد عن كلما يقلقك، واملأ قلبك بطاقة التفاؤل.
وقبل هذا كله أكثر من الحمد والشكر.. فالسكر إذا صاحبته اصبحت شخصًا طبيعيًا، بل ربما قد تكون أفضل من الطبيعي إذا التزمت (بالدواء والرياضة والحمية) بشكل صحيح.. فالسكر محفز لكي نأكل أكلًا صحيًا وسليمًا، وهو بداية لنمارس الرياضة بشكل يومي.. باختصار هو يعيد برمجة حياتنا نحو الافضل إذا صادقناه بشكل صحيح.
حكمة المقال:
أمراضنا نعم كبيرة من ربنا، علينا أن نحولها من تعب إلى صحة، ومن إرهاق إلى طاقة، ومن ألم إلى أمل.. أمراضنا الحقيقية في موت إحساسنا، وفي انهيار تفاؤلنا وثقتنا بربنا.. أمراضنا في استسلامنا وشفاؤنا في قتالنا، وبدايته تكون من قلوبنا الواثقة بالله، “فكل أمر المؤمن خير” كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
كتبه/ حمد الكنتي (مصاب بالسكري)