أ. د. عائض الزهراني

فقدان الجولان

الجولان الهضبة السورية العربية ذات الموقع الاستراتيجي المطلة على بحيرة طبرية، وبالقرب من نهر اليرموك.
اغتصبها المحتل الإسرائيلي طامعًا فيها؛ لفرض سيطرته بشكل أكبر ليحقق من خلالها الوصول للحلم الأكبر فلسطين. احتل الجيش الإسرائيلي المنطقة في عام 1967 (أثناء حرب الأيام الستة)، وأعلن أن الهضبة السورية في أيادينا».

كما ترى فيها أهمية استراتيجية قصوى؛ لأنها منبع لأكثر من ثلث احتياج إسرائيل من المياه العذبة.
ويؤمنون بالعمق والأهمية الاستراتيجية فبمجرد الوقوف على سفحها، يستطيع الناظر تغطية الشمال الشرقي من فلسطين المحتلة، إسرائيل اليوم، وكذلك تكشف الأراضي السورية أيضًا حتى أطراف العاصمة دمشق بالعين المجردة.

فالكيان الصهيوني قرر انتهاج خطة ممنهجة لتغيير جغرافي وديموغرافي في الجولان، ليتلاءم مع المشروع القَومي الصهيوني ومُبتغاه.
وقام بتهجير قَسري للسكان السوريين بالترهيب والقتل ونهب الأرض، ومن ثم تدميرها ولم تُبقَ سوى سبع قرى فقط من أصل 139 قرية عربية، ولم يبقَ من مُجمل السكان السوريين في احتلال الجولان الذين بلغ عددهم حوالي 130 ألف نسمة قبل الاحتلال سوى ستّة وعشرين ألف نسمة في مناطق سكنية محاصرة جُغرافيًا أو شبه مُغلقة، في محاولة للتلاعب الإسرائيلي في موازين القوى السكّانية بهدف رسم خطوط ومعادلات جديدة داخل المنظومة الاستيطانية، ولتبرير وجودها على أرض بدون سكان،

أقامت إسرائيل بزرع 30 مستوطنة يهودية في الجولان. ليتزايد عدد اليهود عامًا بعد عام ليصل اليوم إلى 50 ألف نسمة وتزداد عامًا بعد عام، وأصبحت حكومة الكيان الإسرائيلي، يعقد بعض جلساته في مرتفعات الجولان لإرسال رسالة للعالم والأمم المتحدة بشرعية الاحتلال، ويتشدق رئيس الحكومة نتانياهو أنه “حان الوقت ليعترف المجتمع الدولي بالحقيقة، بعد 50 عامًا أن يعترف أن الجولان سيبقى إلى الأبد تحت السيادة الإسرائيلية”.

وما يزيد الأمر خطورة ظهور القرارات الترامبية“ العنترية التي تتجاهل الأعراف الدولية وأصبح ترامب (نبي إسرائيل )، والحليف المشيطن للكيان الصهيوني عن غيره ممن سبقوه. في دعم مشاريعهم الاستعمارية، بدءًا بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بهضبة الجولان المحتلة جزءًا من الدولة الإسرائيلية بشكل رسمي ، مستغلاً الصمت الدولي، والوضع السياسي والأمني التي تمر به سوريا. المنكوبة والتخاذل العربي بقضية فلسطين والجولان.

نناشد الزعماء العرب في قمتهم العربية القادمة بتونس أن لا تصبح الجولان في طي النسيان، كالجزر الثلاث الإماراتية المغتصبة، ودولة الأحواز المنسيةمن قبل إيران، وأن يستردوا عز العرب وهيبتهم وسيادتهم مؤمنين أن لا مستقبل للعرب بدون الوحدة ورص الصفوف، ونبذ الصراعات وردم الخلافات ولا يستطيعون إحراز التقدم والرقي الجوهري في مختلف مجالات الحياة إلا إذا توحدوا، واقتنعوا بتطبيق قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا)،
واضعين نصب أعينهم، قوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)

ومضة:
كل قوة ضعيفة، ما لم تكن موحدة، فالإجماع أقوى القلاع.

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى