د. عبدالله العساف

المتحدث الرسمي ..المفهوم الغائب

عندما قررت المملكة العربية السعودية إلزام الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية بتعيين متحدث رسمي باسمها؛ لم تكتفِ بإصدار  الأمر؛ بل حددت مهامه بإحاطة وسائل الإعلام بما لدى جهته من بيانات أو إيضاحات، وكذلك التجاوب مع ما يرد إليها من تساؤلات، والرد عليها، وما ينشر عنها من أخبار أو معلومات تهم الشأن العام.

فهل قام المتحدثون الرسميون بتحقيق هذه المهام؟ وما مدى رضاهم عما يقدمونه، ومدى قناعتهم به، وهل تتفهم الإدارة العليا مهام وواجبات المتحدث الرسمي؟ وكذلك جماهير المنظمة هل تدرك الدور الحقيقي للمتحدث الرسمي؟ وما مدى المصداقية التي يتمتع بها لدى هذه الجماهير؟ والأهم هو هل جميع المتحدثين مؤهلين للحديث باسم منظماتهم.

في دراسة حديثة أجراها الدكتور عبدالرحمن العبدالقادر، واستعرضها في ملتقى العلاقات العامة والأزمات – الأدوار والاستراتيجيات، الذي عقدته الجمعية السعودية للعلاقات العامة والإعلان في مدينة الجبيل في المدة من2-3/7/1440 من هذا العام، وخلصت الدراسة إلى نتائج مهمة، جديرة بقراءاتها، في ورشة عمل خاصة تجمع المتحدثون الإعلاميون مع الأكاديميين المتخصصين، والمهنيين، للارتقاء بهذه المهمة الخطيرة، وتجاوز أخطائها القاتلة أحيانًا، والتي يرى البعض أن الخطأ فيها لا يقاس بالأرقام.

ففي ظل تنامي الثورة المعلوماتية واتساع شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الجميع متحدثًا إعلاميًا، وناطقًا باسم الهوى، أو باسم الآخرين من خلال تداول تغريداتهم، أو إعادة تغريدها، والأخطر الإيمان بها وتصديقها؛  دون وعي منهم بحقيقة المغرد الأول، ودوافعه، وأهدافه، ودون استشعار للمسؤولية الاجتماعية وحقوق الآخرين، مكرسين ثقافة القطيع التي طالما جاهد المرء للتخلص منها وإذا به يقع بها، بوعي أو بدونه، وهذا يقودنا لأهمية التربية الإعلامية، والتفكير الناقد.

   وفي المقابل يهتم بعض من المتحدثين الرسميين بمعرفة ماتريده منظمته أكثر من اهتمامه بمعرفة ماتحتاجه وسائل الاتصال وجماهيرها؛ لذا يجب أن يكون  المتحدث الرسمي متمكنًا من مهمته بحيث يمكنه تخيل نفسه في مكان الإعلامي والجمهور في آن واحد، وإدراك كيف يفكرون، فغالبيتهم ليس لديه الوقت الكافي، أو الاستعداد للبحث عن المعلومة من مصدرها، مما يوجب على المتحدث الرسمي أن يقول كل المعلومات اللازمة التي تجيب على أسئلة الصحفيين، حتى البديهية منها، وإلا فهو يسمح للإشاعة بالانتشار، وبالتالي يصعب على المنظمة مواجهتها.

ومما يصعب  من مهمة المتحدث الرسمي، قناعات الكثير من المتلقين؛ بأنه يسعى لتلميع صورة منظمته، وتقديم تبريرات معلبة، خالية من المعلومة، عديمة الأهمية والفائدة، وهناك فئة أخرى من الجمهور لا تفرق بين مهمة المتحدث الرسمي، والاستعلامات، ولو تكلم المتحدثون عن تجاربهم في هذا الشأن لسمعنا العجب!! فسلاح المتحدث الرسمي ووقوده هو القرب من المسؤول الأول، وإيمانه بمهمة المتحدث وأهميتها، والعمل على توفير المعلومة أولاً بأول، وإدراك ما وفرته التقنية من تعدد مصادر المعلومات وتنوعها وخطورتها، فليس هناك اتصال بريء، ولكن هناك معلومات وقائية تحصينيو عندما تتمتع المنظمة بالمصداقية لدى جماهيرها.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button