الشاعر أحمد بن علي الدرمحي، أحد شعراء العرضة الجنوبية الذين يشار إليهم بالبنان، فعندما يحضر يكون الشعر في قمة حضوره وتوهجه، ويصنف من شعراء الصف الأول في البدع والرد، وبسبب ظروف معينة ابتعد عن الساحة مؤخرا فكان ابتعاده بمثابة الصدمة لجميع عشاقه ومتابعيه.
ويكشف الدرمحي لصحيفة “مكة” الإلكترونية، عن سر ابتعاده وعودته التي أسعدت محبيه، ويتحدث عن محطات ومواقف بارزة في حياته خلال الحوار التالي:
س1/ سوف أبدأ من الحدث الأبرز مؤخرا في الساحة الشعبية الجنوبية من حيث إعلانك عن قرار الاعتزال وكان عبارة عن مفاجأة صادمة للمتابعين ومن ثم عودة دراماتيكية تخللها حفل تكريم ؟ حدثنا عن تفاصيل ما جرى ؟
ج1/ قرار توقفي كان أصعب قرار اتخذته بحياتي كان وقتها والدي رحمه الله مريضا ويحتاج إلى عناية خاصة واعتذرت عن الحضور من كثير من أصحاب الحفلات وألغيت الكثير وللأسف هناك من لم يقدر اعتذاري وعدم حضوري رغم معرفة السبب.
وبعد تفكير طويل قررت أن أعلن توقفي وليس اعتزالي وهذا الإعلان كنت أقصد منه أولا حفظ ما قدمت في السابق والابتعاد عن الساحة وعن الحفلات واعتقدت أن يستمر غيابي عدة سنوات. ولكني فجعت بعد عدة أشهر بوفاة والدي رحمه الله.
ثم اجتمعت القبيلة بعد فترة والشيخ ومجموعة من الشعراء، وقالوا لي إن سبب التوقف قد انتهى وليس لديك عذر الآن في الغياب، ثم عدت للساحة وأصروا على إقامة حفل احتفاء بالعودة وليس تكريما كما يشاع.
س2/ هناك من قال إنه كان بإمكان الشاعر الدرمحي الإعلان عن التوقف لأسباب وظروف معينة، بدلا من التلويح بالاعتزال حتى يتسنى له الرجوع متى ما تجاوز تلك الظروف ؟
ج2/ لم يكن لدي نية للعودة قريبا وعند الغياب لعدة سنوات ستتغير الأمور وربما حفظ ماء الوجه بالابتعاد أفضل من العودة بدون رغبة من الجمهور.
س3/ من خلال قراءتك لبعض التفاصيل ومتابعة لكل ما حدث والوصول إلى خبر عزوفك عن قرار الاعتزال ماهي الانطباعات التي تشكلت في ذهنك؟
ج3/ تشكل لدي أنني كنت أسير بخط سليم ولم أكن أعامل الجمهور كجمهور شاعر، كنت أعاملهم كأصدقاء وأخوة مقربًا منهم لذا وجدت أنهم كانوا أقرب مني بعد التوقف ولم يبتعدوا بمجرد ابتعادي.
س4/ من الملفت يا أبو خالد غياب بعض الشعراء الكبار عن كرنفال الاحتفاء بك، هل تعتقد بأن الأصداء التي صاحبت عودتك كانت مزعجة لهم أو وراء الأكمة ما وراءها ؟
ج4/ كان هناك لجنة تولت كل شيء، أنا لم أقدم الدعوة لأحد ولم أرفض أحد ومن الشعراء من اتصل بي شخصيا وطلب الإذن لظروفه الخاصة في عدم الحضور وهذا شيء طبيعي وليس لدي عتب في هذا الجانب من حضر كان وفاء منه ومن لم يستطع الحضور فعذره معه ولا ألوم على أحد من خارج قبيلة بني حسن بالذات.
س5/ تحدثت عبر لقاء مع سناب الباحة الآن عن ظاهرة اختفاء بعض الشعراء من المشهد بشكل مفاجئ وأوضحت بأن هؤلاء ليسوا بشعراء إنما أتوا عبر دعم معين وعندما تخلى عنهم الداعمون كان يجب عليهم الخروج من المشهد ؟ هل تعتقد بأن هذه الظاهرة لها تأثير سلبي على ساحة العرضة وهل هناك أسماء لازالت في الساحة وتدعم بهذه الطريقة ؟
ج5/ مع بداية القنوات كان هناك زخم مستشعرين ومقلدين لم يستطيعوا الظهور واعتقدوا أن الإعلام هو ما كان ينقصهم، ثم أخذوا فترة توهجوا فيها إعلاميا ولكن لم يكسبوا ثقة الناس وعادت الأمور إلى طبيعتها ولا يصح إلا الصحيح. الجمهور لديه وعي أكبر من أن يخدعوا بغير الشاعر الحقيقي.
س6/ ألمحت في ذلك اللقاء أيضا بأن هذه الأسماء تتلقى إشادات في غير محلها من بعض الشعراء المحسوبين على الساحة وهذا قد يوصلهم للقناعة بما يقدمون ؟ ماهي تصوراتك لهذه الإشادات ولماذا تطلق جزافاً؟
ج6/ الشاعر الكبير عندما يشيد بالشاعر المبتدئ ليس تشجيعا، إما أن تكون مجاملة أو حتى يثبت للجميع أنه هو المسيطر وأن الجميع تحت جناحه، الشاعر لا يلغيه كلام شاعر ولا يرفعه كلام شاعر الشاعر الواثق من نفسه وبما يقدم.
س7/ ما يسمى بالشيلات نسمع بين الفينة والأخرى بعض الأصوات تدعو من على منصات التواصل وعبر المنابر للترويج لها وإحلالها بديل عن شعر العرضة مما جعل البعض يطلق عليها مصطلح ( العرضة المطورة) هل تعتقد بأننا ذاهبين بهذا الاتجاه ؟
ج7/ الشيلات ليست عرضة بتاتا وبعيدة كل البعد عنها ولكنها إعلان فرح وإيقاعات فقط أما شعر فهي ليست بشعر ولم يحفظ منها ولا كلمة واحدة، علماً بأني شخصيا كتبت الكثير من الشيلات وغناها لي بعض المنشدين ولكني أستحي أن أقف وأشير بيدي وجهاز التسجيل شغال بشيلة على أنها قصيدة لا أستوعب ذلك وأيضا الشيلات توهجت فترة ثم انحصرت وقل توهجها مؤخرا.
س8/ ولكن قد يقول قائل بأن أعداد الشيلات أقل كلفة من طلبات الشعراء والزير والأمور الأخرى المصاحبة لإقامة الحفلات ؟ لماذا لا يقدم الشعراء بعض التنازلات في سبيل لا ضرر ولا ضرار ؟
ج/8 التكلفة ليست بالكبيرة كما يعتقد البعض، القريب من الشعراء والحفلات يعرف أن ما يقال في هذا الأمر غير صحيح إضافة لأن هناك بعض الشخصيات تناسبهم الشيلات كالمشائخ والأعيان لذا كل شخص على قدر استطاعته ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
س9/ من الملاحظ في كل عام تكرار إنهاء الحفلات من بعض الشعراء بأعذار مختلفة وواهية، لماذا لا يعي الشاعر قبل التفكير في أحداث هذه الإثارة بالتكاليف والخسارة التي تترتب على الطرف الآخر صاحب تلك المناسبة ؟
ج9/ كل شخص مسئول عن تصرفاته الشخصية أما بالنسبة لبعض الحفلات يكون انتهاؤها أفضل من استمرارها وتصبح باهتة والشاعر يدرك متى يجب إيقاف الحفلة لصالح صاحب الحفلة أما مزاجية الشاعر فغير مقبولة بتاتاً على الجمهور أو صاحب الحفل.
س10/ هناك من يؤكد بأن الساحة في الباحة لم تعد بذلك الوهج وإن آخر ما فرزت من شعراء حقيقيون أحمد الدرمحي وإبراهيم الشاعر ؟ ..هل أنت مع هذا التأكيد ؟
ج10/ لابد من استمرارية الشعر والشعراء وهناك من الشباب عدد قليل شعراء فعلاً ويجب دعمهم من الجمهور حتى يكونوا في المستقبل شعراء الساحة.
س11/ شاعرنا أبو خالد ما هو الدور الذي أحدثته مواقع التواصل الاجتماعي للشعراء وهل تعتبر كل ما يطرح فيها إضافة للشاعر ؟
ج11/ وسائل التواصل قدمت خدمات كثيرة وحفظت كثيرا من القصائد ولها دور إيجابي كبير ولكن للأسف هناك من يستخدم فيها أسماء وهمية لإثبات أن فلان شاعر وأن فلان تغلب على فلان وفي الأخير نكتشف أنه هو نفس المستشعر يسوق لنفسه عبر تلك المواقع تويتر أو اليوتيوب وكل ذلك يأتي على حساب الشعر.
س12/ ألا تعتقد بأن هذه المواقع سحبت البساط من القنوات الفضائية ولم يعد لها اهتمام مثل ما كان في السابق ؟
ج12/ القنوات انتهت ولم يعد لها دور في الساحة وأتوقع أن تقفل جمعيها قريباً.
حوار راقي وجميل??