كشفت تقارير إحصائية رسمية صادرة عن مركز المعلومات الوطني التابع لوزارة الداخلية أن %67من سكان المملكة تحت سن الثلاثين.
وهذا يعني أن أكثر من ثلثي الشعب السعودي من الشباب، وعندما تكون هناك دولة شابة بهذا الشكل فهذا يعني زيادة في قوة الدولة وحيويتها.
ولكن هذه القوة الشابة تحتاج إلى رعاية واهتمام وأي خلل في التعامل مع هذه الفئة فإنه قد يؤدي إلى نتائج كارثية، ولهذا السبب فإن أغلب التيارات التي تستهدف المملكة يكون تركيزها على فئة الشباب.
ومن الاستراتيجيات التي تستخدمها الجماعات المتطرفة في استهداف المملكة هو دق إسفين في العلاقة بين الشباب وهيئة كبار العلماء، ومحاولة زعزعة الثقة بالعلماء الربانيين، ونبزهم بالألقاب السيئة، مما يفضي إلى صد الشباب عنهم حتى يسهل على هذه الجماعات تمرير أجنداتهم الخطيرة عبر دعاة الضلال والانحراف وشياطين الظلام وتلميع هؤلاء لدى الشباب.
وبخصوص هذه النقطة يجب التذكير أن اللوم، وللأسف، يقع دائما على العلماء أعانهم الله، فهم يتعرضون لهجمات شرسة من جهتين، الأولى من قبل الجهات المعادية، أما الثانية من الجهات الصديقة التي تلقي اللوم على العلماء وتريد تحويلهم إلى أيقونات إعلامية، حيث يتخلى العلماء عن واجبهم الشرعي وتطالبهم بالتفرغ لممارسة أدوار إعلامية لا تمت لهم بصلة.
وبما يتعلق في هذا الموضوع المهم، أقيمت محاضرة وحوار مفتوح بعنوان : (هيئة كبار العلماء والتعامل مع المناهج الفكرية والحزبية) وكان المتحدث هو معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الدكتور فهد بن سعد الماجد وذلك في رحاب جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، وتنظيم معهد الأمير خالد الفيصل للاعتدال .
خلال هذا الحوار كانت أغلب المداخلات تدور في نقطة واحدة مهمة وهي عدم وجود أداة إعلامية فاعلة لهيئة كبار العلماء يمكن من خلالها إيصال رسالة الهيئة لفئة الشباب بشكل احترافي.
وكانت ردود معالي الأمين العام على هذه المداخلات واضحة ومهمة ومركزة، وكشف أيضا عن بعض المشاريع المستقبلية لهيئة كبار العلماء، ويمكن تلخيص هذه الردود في ما يلي :
أولا إن عدد أعضاء الهيئة من العلماء هم واحد وعشرون عالما فقط، أي لا يستطيعون وحدهم التصدي لكل هذه الحملات التي تستهدف العلاقة بين الشباب والعلماء خصوصا أنها حملات تستهدف المملكة عموما.
وحول هذه النقطة أتفق تماما مع معالي الأمين العام وذكرت في بداية المقال أنه من الخطأ إشغال العلماء عن واجبهم الشرعي وتحويلهم إلى أيقونات إعلامية تقدم رسائلها بأسلوب إعلامي.
ثانيًا: ركز معالي الأمين على أن هيئة كبار العلماء هي في المقام الأول جهة علمية وشرعية تعنى بالفتاوى والقضايا المطلوب النظر بها ودراستها، وليست جهة إعلامية متفرغة لمجابهة وسائل الإعلام المحترفة في هذا المجال.
وهنا مرة أخرى، أتفق تماما مع ما ذكر فليس هذا واجبهم، وليس هذا الفن فنهم، ولا مجالهم.
ثالثا: ناشد معالي الأمين العام بأن يكون أداء الأجهزة تكامليا، والعمل بروح الفريق الواحد، وقال نحن في النهاية دولة واحدة كلٌ يؤدي الدور المناط به بحيث تقوم هيئة كبار العلماء بأداء واجبها الشرعي، وتقوم الأجهزة الإعلامية بدورها في إيصال رسالة الهيئة لكافة شرائح المجتمع.
وهنا أتفق وللمرة المليون، أن هذا ما يجب أن يكون، ولكن المشكلة في أن ما هو كائن ينطبق عليه قول الشاعر خلف بن هذال (من دون صهيون بذتنا صهاينا ) فهناك العديد من الحالات الإعلامية، وللأسف، تستهدف الهيئة وكأنها أجهزة إعلامية أجنبية تعادي أجهزة ومؤسسات الدولة الأخرى.
رابعًا: كشف معالي الأمين العام عن إنشاء إدارة للاتصال الجماهيري تابعة للأمانة العامة لهيئة كبار العلماء مهمتها القيام بهذا الواجب بالنيابة عن العلماء، بحيث يتفرغ العلماء لدورهم الشرعي وتتولى هذه الإدارة إيصال رسالة الهيئة إلى الجميع.
وفيما يتعلق بهذه النقطة أقول: لقد وفقتم معالي الأمين في هذا الحل، وعدم انتظار أجهزتنا الإعلامية التي تعتبر متوفاة سريريا، حيث أثبتت فشلها بالتصدي للحملات الشرسة التي تستهدف المملكة ناهيك عن مساعدة هيئة كبار العلماء في إيصال رسالتها، بمعنى آخر، ( ليتها بحمولها تقوم ).
في الختام، نرجو من إدارة الاتصال الجماهيري في هيئة كبار العلماء أن تعمل بشكل احترافي ولا يتم ذلك إلا من خلال الاستعانة بالكوادر المتمرسة في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، ومحترفي التسويق، ومصممي الجرافيك، بحيث تخرج المعلومات المهمة من بطون الكتب وتقدم بطريقة عصرية لعقول الشباب .
كذلك من المهم أيضا، أن يكون لإدارة الاتصال الجماهيري حسابات مستقلة في وسائل التواصل الاجتماعي مخصصة لإدارة الاتصال الجماهيري، بحيث يكون الحساب الرسمي للهيئة مخصص للبيانات الرسمية، وحساب اللجنة الدائمة مخصص للفتاوى، وحساب إدارة الاتصال الجماهيري يكون مخصص فقط للتواصل مع الشباب بلغة الشباب.
١١ شعبان ١٤٤٠هـ
بصراحة الفكرة المشار اليها رائعة جدا و ياليتها من زمان
وطرحك للموضوع اجمل وانا سعيد جدا لو تزودني
بمقالاتك هذه الجميلة باستمرار لقلة متابعتي للصحف الإلكترونية بسب انشغالي.
واخيرا لك مني جزيل الشكر اخي محمد السحيمي
فأنت رائع في كل ما تكتبه كما عهدتك.