ملتقى العرابي مختلف

عندما تتسع مسافة التقارب٬ وتنتشل المصالح قرب الأقارب..وتتحول العلاقات الأخوية إلى مراسلات تنقل شوقها وحنينها نوافذ التواصل الاجتماعي ..يتجلى لنا الوفاء في سماء الكرماء .. متفاعلًا مع المشاعر التي يبث حنينها المحبة والإخلاص لبناء لُحمة قوية تتجدد فيها الصلة الرحم ..وتجسد ذلك كله في ليلةٍ مُلِتْ جنباتها بملتقى كبير ومناسبة كبرى٬ اجتمع بها أبناء قبيلة مشاييخ العرابي ففاح من ربوة عسفان نفح الود ووشج الكرم وغدق الجود..فما كان راعيها وبانيها (سعيد) وعن يمينه أخوته فيها إلا نجومًا تتلألأ في سما العز .. إنه ملتقى (العرابي) المذهل الذي فتح الرجل الشهم أبواب ميدانه للالتقاء بقامات الشموخ ورموز المفاخر ..في احتفالية أهدافها نيّرة تحمل في مضامينها لفتة كريمة من شخصية خيّرة أرسلت لنا تطلعًا حاذقًا نبيلًا؛ لترسخ وتعزيز الروابط المتينة..وفيها تجلت صور واضحة تحكي أصالة التلاحم٬ ومنها تعانقت مفردات الكلمة الصادقة بمعانيها السامية..فأحيا ليلها بديع الكلام٬ وأبهج ضيوفها رحابة الصدور وسماحة الإنسان ..

ما كانت( الهندسة) التي يحمل لواءها ( أبو هيثم ) مجرد فكر علمي لازم ولا ثقافة متخصصة تُعنى بتمكين مؤسسة خدمية من حيازة الجودة ورفع الإنتاجية .. ولا كانت مجرد نبوغ توقف جموح تأثيراته عند استراتيجيات محدودة في إطار رؤية ضيقة ..بل كان متعديًا بكل أفعاله ذلك كله ليحلق عاليًا في مجال الفضاء العلمي الرحب الذي تحركت معه المشاعر؛ ليغير نمط إدارة المناسبات بأسلوب إنساني حكيم وطريقة أدبية محببة .. فبسط لضيوفه في هذه المناسبة سجاد المعزة والكرم والتقدير، والاحترام، وأنار لهم الطريق حبًا وترحابًا
وتواضعًا .. وأفسح لهم المكان طيبة وبشاشة وإحسانًا..

ولما رأيناه في هذا الملتقى من أثر إيجابي٬ وما لمسناه من إقبال وإشادة بمناسبة اجتمع فيها الأقرباء برعاية كريمة٬ وتنظيم محكم من راعيها ومنظميها ..نتأمل أن يتبنى مثل هذه الثقافة وجهاء الأسر والقبائل في مجتمعنا السعودي للمّ الشمل٬ وإيجاد المكان الملائم لقرب الأقرباء٬ وكسر حواجز البعد٬ وتغيير نمط التواصل البعيد إلى الصلة الوجدانية والحسية عن قرب بإقامة مثل هذه المناسبات التي يسعد فيها الأبناء باللقاء٬ ومن منبرها تبرز المواهب٬ وفي اجتماع وجهائها تنطلق منتديات التوعية لرفع حس الانتماء الوطني
والأسري٬ وتعزيز الولاء لقيادتنا الغالية٬ ونشر ثقافة التحول للدخول في مسيرة الانسجام مع متطلبات رؤية المملكة 2030؛ ولتصبح هذه الملتقيات نواة لتنشئة جيل مثقف واعٍ٬ ولتحفيز وتشجيع النشء٬ ودعم المبدعين ..

فما أحرانا أن نحرص على استعادة شيئًا من ماضي التلاحم الأسري الذي كان جزءًا لا يتجزأ من ثقافة أولئك الذين لا تنفصل علاقاتهم مهما كانت الخلافات ولا تنقطع روابطهم٬ وإن تفاقمت الخصومات لأن مجالسهم لا تُخفي الحقيقة وآراءهم لا تركن للمجاملات لا يغفل عقلاؤهم عن رأب الصدع وما ألهتهم قسوة الحياة عن التوجيه و العمل الجماعي لغرس القيم السامية ..

عندما دعيت لحضور ملتقى قبيلتي الشامخة (مشاييخ العرابي) لم يخلد بمكنونات فكري أن يختلف هذا الملتقى عن أي مناسبة اجتماعية أخرى جرت العادة بأن يكون لها أهداف تخدم مصالح شخصية يستعيد بها أصحابه بريقهم المفقود أو للدخول من بوابتها في دهاليز العظمة و الغرور ..إلا أنني مع تحليل معاني مفردات أهداف المناسبة٬ ومع معرفتي بحرص (المهندس/ سعيد العرابي) على أن يرتقي هذا الملتقى بفكره وثقافته عمّا لا يخدم هدف التواصل..رأيت مع من رأى أن ملتقى العرابي بمزرعة عسفان مختلف ..