ومضات الوهج
الومضة 4
4 رمضان
(الأيام دول)
في الآية الكريمة من سورة آل عمران ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لايحب الظالمين) “140،آل عمران”.
نزلت الآية الكريمة بعد مالحق بالمسلمين من هزيمة و تراجع يوم أحد حيث لم يلتزم بعض من جيش المسلمين يومها بتوجيه رسول الله و أمره فانقض عليهم المشركون و قتلوا منهم وجرحوا كثيرا و انقلبت الأوضاع بعد أن كان النصر يلوح للمؤمنين.
و الأيام هنا يعنى بها بدر و أحد والناس هم المشركون و المؤمنون، فبدر كان النصر البين فيها للمؤمنين وأحد كان النصر في المرحلة الأخيرة للمشركين فجرحوا و قتلوا فالله في هذه الآية يعزي المؤمنين و يواسيهم بأنكم إذا أصبتم اليوم بالجراح والقتل فقد قتلتم من المشركين قبلا و جرحتم بل إن عدد القتلى من الفريقين واحد و هو سبعون رجلا في الغزوتين.
وكلمة إدالة تعني الظفر بأحد و الانتصار منه، والفعل هو أدال يديل إدالة، فيقال أدال الله فلانا من فلان إذا ظفر به و انتصر عليه.
فهذه هي سنة الحياة يوم لك و يوم عليك، وقد يبتلي الله المؤمن بالكافر فقد أدال الكفار يوم أحد من أصحاب رسول الله، حيث قد بدال الكافر من المؤمن ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه وليمحص الصادق من الكاذب، وقد كانت الدولة لسيدنا محمد وصحبه يوم بدر ثم كانت للمشركين يوم أحد وهكذا فقد كان يوم أحد بيوم بدر، فكان من ابتلي من صحب الرسول يوم أحد إنما عقوبة لهم بمعصيتهم رسول الله.
ومع ذلك ففي كل عبرة وعظة وخير يستقى ففي يوم أحد جعل الله الدولة للكفار ليميز المنافق من المؤمن وكذلك اتخذ الله من المؤمنين شهداء كانوا قد بذلوا أنفسهم لها فأكرمهم الله بها وكانت الشهادة إحدى أمنيات المسلمين في بدر فنالوها في أحد.
ويختم الله الآية الكريمة بأنه تعالى لايحب من يظهرون الإيمان و يضمرون الكفر نفاقا.
لطائف واستفادات:-
– والله إنها لدروس نتعلمها من سيرة رسول الله، فهاهم المؤمنون بعد أن كانوا على وشك الربح و النصر انقلب الحال إلى خسارة و هزيمة فقط لأنهم لم يطيعوا أمر رسول الله، وهنا يرينا المولى إحدى سنن الحياة الدنيا بأن الأيام دول فلا ديمومة على حال، لهذا لا تفرح يابن آدم فرحا سرمديا و لاتحزن حزنا سرمديا فالأحوال تتقلب و الموازين تنقلب وقد تغوص في الحزن والكرب اليوم وغدا ترفل في السعد والسعة، هي دول.. إن وعينا هذه الحقيقة رضينا و ارتاحت قلوبنا.
– إذا تسلط عليك غير المؤمن أو الفاسق أو من تظنه أقل منك قربا من الله فلا تجزع فقد يدال للكافر الفاسق من المؤمن التقي وقد تبتلى بأسوأ البشر خلقا ونفسا فتلك هي حكمة الله ليمحص الذهب من التراب.
– كل مايأتيك من ربك خير حتى اليوم الذي عليك
قد تظهر من تحت ركامه بارقة خير تنالها و ماكنت لتنالها إلا بهذه الكبوة ،استثمر اليوم الذي عليك ليوم آخر يكون لك بفضل الله.
نسأل الله خيرا ونصرا وصبرا واستفادة و أجرا في دول الأيام وتغيراتها.