لم تعد الأسرة أو المجتمع أو حتى المدرسة لاحقًا هي مصادر المعرفة الرئيسية، بل أصبح أبناؤنا يتقاذفهم الكثير من شركاء التربية، ونقل المعرفة (غثها وسمينها)، ولعل من أبرز هؤلاء الشركاء وسائل الإعلام التقليدية (المؤسسية)، وأشدها مشاركة وسائل التواصل الاجتماعي، والهدف الأسمى لكلا الفريقين الاستحواذ على أكبر حيز من الصورة الذهنية لدى الأبناء؛ للوصول لاحقًا إلى تشكيل قاعدة جماهيرية واسعة.
والصورة الذهنية لدى الأبناء ولدى الناس عمومًا هي مطلب لكل صاحب رسالة أو قائم بالاتصال، وتقوم وسائل الإعلام عموما بتوجيه المعلومات، بل وتلوينها، وهذه من أبرز الطرق؛ للتأثير على بناء الصورة الذهنية لدى الفرد والمجتمع.
وفئة الأطفال والمراهقين والشباب هم أكثر المتأثرين بذلك، بل هم الجمهور الذي تسعى تلك الوسائل للاستحواذ عليه؛ ولتحقيق هذا الهدف تلجأ وسائل الإعلام إلى مراحل إنشاء وتعزيز الصور الذهنية متبعًا الآتي:
1- إنشاء صور ذهنية بأدلة ونقاشات – ولو كانت وهمية – بحيث تبنى الصورة الذهنية الجديدة.
2- تناول ما هو قائم بالتأييد والترسيخ والدعم بالنقاش والصور الذهنية أو بالتشكيك والنقاشات المضللة.
3- مرحلة التغيير للتصورات الموجودة – أو المبنية حديثًا – وإدخال التحسينات عليها أملًا في اكتمال الصورة المرادة.
وقد يكون لدى البعض مقدرة على ما يعرف إعلاميًا (التعرض الناقد)؛ بحيث يناقش مثل هذه الأفكار والصور، بل ويرفض بعضها، لكن الغالب من الجماهير لا يمكنهم ذلك نظرًا لصغر سن المتلقين (النشء) أولًا لغياب الموجه من الأهل كليًا أو جزئيًا أو لجهلهم المتلقي حتى لو كان كبيرًا، وتتمثل خطورة هذا التشكيل للصور الذهنية في أنها تمر ببطء، ودون أن يشعر بها أحد ولمدة احتضان قد تطول كما أنه يساعد في ذلك سهولة الحصول والتعامل مع الأجهزة الإلكترونية الناقلة لهذه الصور. ولذا فإن مسؤولية بناء الصورة الذهنية المميزة والصافية عن المجتمع وقيمه وعن الوطن ومكتسباته، تحتاج منا الكثير من الجهد المتواصل والمبني على دراسات نظريات الاتصال التي تحدد نوعية الجمهور وخصائصه الدينية والاجتماعية والاقتصادية إلى غير ذلك.
…………………
جامعة أم القرى – قسم الإعلام
تلخيص وتركيز موفق دكتور هليل حفظك الله