ماذا نسمي اللقاء الإعلامي الذي أجراه الإعلامي عبد الله المديفر مع الشيخ الدكتور عايض القرني إعترافا وكأن المديفر يحقق مع ضيفه القرني الذي من وجهة نظري ونظر الكثير كان نقاشا لا تغيب عنه الصراحة شفافا وكان واضحا وهو يجيب على أسئلة المديفر ودون ارتباك بل كان متبسما إلا في وقت إبداء الولاء للدين والوطن والقيادة فكان جادا ويكررعبارات بعينها تؤكد مصداقيته فليس علينا تأويلها إذ لم نشقق قلبه بل نقبلها كما قبلها ولي الأمر وهو قدوتنا حتى ولو آمنا جدلا بأن اللقاء مرتب له أن يكون بهذه الطريقة بدليل أن بعض الصور التي عرضت في الجزء الثاني من اللقاء أزعم أن البرنامج والمديفر قد طلبها من الشيخ القرني ومنها صورته وهو متجند في حرب الخليج ضمن صفوف المواطنين الذين هبوا للنداء وتدربوا على بعض التدريبات العسكرية من باب الوطنية وطاعة ولي الأمر في ذلك الوقت كعادة السعوديين مع قادتهم منذ عهد الملك عبد العزيز مؤسس وموحد هذا الكيان أنهم لحظة الطلب لا يتوانون ويتقدمون ببسالة دفاعا عن الدين والوطن والمقدسات بدءا من حرب 48 في فلسطين في عهد المؤسس – يرحمه الله – مرورا بما حصل في حرب الخليج وإن كنا لم نشارك كمواطنين مشاركة مباشرة إلا أننا تجندنا وبكل فخر ومن ضمن هذه الصفوف الشيخ عايض القرني .
أعود فاقول ولست مدافعا عن الشيخ الدكتور القرني لأنه أقدر مني ومن غيري للدفاع عن نفسه ولو لي من الأمر شيء ولو استشارني مع أن علاقتي به قديمة ومنقطعة إذ زارنا في الباحة مرات يلقي محاضرات لكني كنت سأقول له لا تخرج في برنامج تلفزيوني لتعلن براءتك مما حدث في الصحوة وكأنه الذي تبناها شخصياً ورسم خططها مع العلم أنه أحد رموزها بمعرفة الجميع ولا ينتظر منه يبين ذلك للناس ولا يجلد ذاته مادام أنه أصبح في حلّ منها وأنه خرج منها كالشعرة من الطين وليس العجين ولأنه شارك في مناصحة من خرج عن الطريق السليم فقد رضيت الدولة عنه بقناعتها وبقبولها عذره كما ذكر ولكن قدر الله وما شاء فعل فخرج في هذا البرنامج الذي قال عنه المديفر في معرض طرحه : نريد منك جوابا واضحا نريد حلقة للتأريخ وهذا ما جعل المذيع والضيف من وجهة نظري ينجحان بامتياز في جعل الحلقة تاريخية ليس في مادتها فحسب ففيها معلومات معظم المتابعين يعرفها ولكن بعد أن أصبحت مادة مغذية لوسائل التواصل الاجتماعي لا وبل بين ترحيب وانتقاد بعض الأوساط الداخلية وبعض الخارجية كالأزهر مثلا بما قدم من إجابات على أسئلة المديفر وإعلانه الحرب على الإرهاب والتشدد والجنوح للاعتدال والوسطية التي نادى بها سمو ولي العهد وهذا يكفي لنجاح الحلقة وتحقيق ما كان يريد تحقيقه البرنامج الذي ظهر جليا في تشكيلة ضيوفه بين حلقة وأخرى ولعل القادم سيكون أجمل وأكثر استهدافا لرموز حقيبة المديفر .
استمعت وشاهدت حلقة الدكتور علي الموسى وكان يشيد بالقرني وبرأه من انتمائه للأخوان وتذمر من بعض ردود الفعل المتشنجة والتعليقات والتشفيات التي جاءت بعد الحلقة وهذا يدل على التصالح كما قال الذي كان ينشده بعض من يُسمون ليبراليون أو منفتحون على العالم بدون قيود الصحوة التي قال عنها القرني بأنه شابها ما شابها من التشدد الذي قال إنه في غير مكانه وأنه في مراحله السنية الأولى كان اندفاعا وفي مرحلة الصحوة كان متفقا مع الموسى بأنه من باب الفزعة والإقدام ثم الإنسحاب بعد معرفة الدرس والإثنان من منطقة واحدة قال الموسى أنه ظهر منها قرابة ثلثين من أسماء أحداث (11 ) سبتمبر فيما لم يظهر أسماء سوى قرابة ثلاثة ممن أقيم فيهم شرع الله مؤخرا لمحاربتهم وترويعهم وقتلهم الآمنين في أحداث إرهابية سابقة داخل المملكة وبهذا يدلل الموسى كما أشار القرني أن رجوعا في الحق أحرى من زهوقا في الباطل ولذا فإن القرني بلقائه لم يفت عليه أن يذكر الأدلة والبراهين التي جعلته وبعض الصحويين يتشجعون ويؤكد في ذات الوقت أنها تجربة كانت فاشلة مع أنه لم يمس العقيدة بأي كلام ضمن تنصله مما حصل وإنما كان يدور حديثه حول بعض المستجدات ومنها الغناء وغيره مما أورده في ثنايا الحديث .
أعتقد أن الصحوة لا تخص الشيخ عايض القرني ولا تخص بلادنا فحسب وإنما هي موجة جاءت في فترة من الزمن واستغلها الأخوان ليبنوا عليها آمالهم ويداووا بها آلامهم انطلاقا من مصر التي استطاعوا بعد أن تغلغلوا باكتساح الانتخابات وفوز محمد مرسي ولو أنه فوز الفراشة باللهب ولكنهم امتدوا وتمددوا بين تركيا وقطر وإيران وهذا ما ظهر جليا في مثلثهم البرمودي الذي سقطوا فيه جميعا فخرجوا من كل شيء صاغرين وإن بقي لهم فلول فهي مختبئة في شرنقات تميم وروحاني وأوردغان حبيسة هذا المثلث الذي أتته المنيايا من كل حدب وصوب وأصبحوا في حيرة من أمرهم فضلا عن أن الصحوة انتهت ولم يبق منها غير اسمها المشوه فالمسلمون يعون بأنهم لابد ويكونوا صاحين طول الوقت فهذا دينهم وثوابتهم لابد يحافظون عليها ولديهم حصنهم الحصين قبلة جميع المسلمين بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين اللذين قلما أظافر كل من يزايد ويحاول التربع على عرش حريات العباد وبهذا فنحن يجب علينا نسيان الماضي وأن نعيش الحاضر الزاهر ونستشرف المستقبل ولا نجعل من هذا اللقاء التلفزيوني القشة التي قصمت ظهر البعير فلولا خرج القرني وأعطانا هذه المعلومات لبيقت كالجمر تحت الرماد وياليت غيره يعمل كما عمل وحتى يستفيد المجتمع من هكذا مشروعات لا لتكرارها ولكن بنبذها والحذر منها مادامت تميل للتطرف سواء لليمين أو لليسار وأحسب أن المديفر نجح أيضا في ثلاث شخصيات قدمها وحاورها في ليال ثلاث باستضافته للدكتور الجريء عايض القرني والكاتبة المتميزة كوثر الأربش والدكتور النبيه علي الموسى وإلى حلقات قادمة نستودعكم الله وكل رمضان ونحن وأنتم إلى الله أقرب .