شقشقات
رمضان شهر العطاء والأعطيات، شهر الخير والصدقات، فيه تسمو النفوس لأعلى مراتب العطاء، ويتحمس فيه المسلمون لتفقّد الفقراء والمساكين وذوي الحاجة، وفيه تكثر موائد إفطار الصائمين بشكل ملحوظ.
ولي تجترب ممتدة لأكثر من ثلاثين عاما في الأعمال التطوعية، ولله الحمد والمنّة، وقد لاحظت الآتي حول موائد إفطار الصائمين، أوجزها بشكل نقاط فيما يلي:
أن الغالبية من المسلمين -إن لم يكن كلهم- حصروا أعمال الخير والعطاء في موائد الإفطار، وكأن الأجر لايأتي إلا من خلالها،، بينما أعمال الخير والبر واسعة جدا لاحصر لها، وحصرها فقط في موائد الإفطار يكرّس مفهوم أننا أُمّة لانهتم إلا بالأكل والشرب فقط ! .
أن موائد إفطار الصائمين -رغم الملاحظة السابقة- تنحصر حول المسجد الحرام والمساجد، بينما هناك أماكن وأناس وعائلات متعففة محتاجة في الأحياء ممن لايستطيعون الوصول للحرم ولا للمساجد، وكذلك في أماكن العمل المتواصلة في نهار رمضان، كمواقف سيارات الأجرة، وحراس الأمن أيا كانت مواقعهم، وغيرها الكثير..
أن موائد إفطار الصائمين اهتمت بوجبات الإفطار ونسيت وجبة السحور، لمن تمت الإشارة لهم مسبقا، عدا بعض الجمعيات الخيرية المصرح لها، وينحصر التوزيع في ذات الأماكن، وفي جوامع كبيرة مشهورة، أو مطارات أو المنافذ البرية لدخول الأماكن المقدسة.
أنه رغم كل الملاحظات الآنفة الذكر يبقى الإسراف بشكل ملحوظ في توزيع هذه الوجبات، وقد يأخذ بعضهم أكثر من وجبتين مما يزيد عن حاجته، وبعضهم يتناول من الوجبات التي يحظى بها لوحده مايرغب فقط في تناوله من أصناف، ثم يرمي الباقي مما لارغبة له فيه، وحاويات النفايات حول الأماكن المذكورة خير شاهد على هذا الإسراف.
إن العطاء أولا لاينحصر في شهر رمضان المبارك، وإن كان لهذا الشهر خصوصيته وروحانيته، فأبواب العطاء مفتوحة واسعة طوال الأشهر الأخرى من السنة.
كما أن العطاء يجب ألا ينحصر فيما ذكر، فهناك جهات أخرى مصرّح لها تحتاج لهذه التبرعات، مثل جمعيات مكافحة السرطان والأورام المستعصية، ومراكز التبرع بالكِلى، وجمعيات الأطفال المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وغيرها الكثير الكثير مما يصعب حصره هنا.
لنوقف هذا الهدر في الطعام ولنبحث بشكل جدّي عن تلك الجهات، ولنكن عادلين في توزيع الأعطيات.
تقبل الله من الجميع صالح أعمالهم.