رمم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد آل سعود -رحمه الله- الكعبة مرتين، مرة أولى كانت في العام 1414 بشكل بسيط، وكانت المرة الثانية في العام 1417 هجرية والتي حصل فيها ترميم شامل للكعبة المشرفة، ولقد انتهى هذا الترميم في العام 1418 للهجرة.
وبسبب هذا الترميم تكرر فتح باب الكعبة للزوار عدة مرات في العام 1418 حيث كان يفتح -بشكل مؤقت- في صباح يومي الاثنين والخميس، ويقف الناس بشكل طوابير؛ لينالوا شرف دخول الكعبة المشرفة.
وقد كانت هنالك علاقة قديمة لوالدي عبد العزيز الكنتي -رحمه الله- بسدنة البيت الحرام، ولقد ساهمت هذه العلاقة في دخولي للكعبة عندما كنت صغيرًا برفقة أخي الأكبر مختار -حفظه الله- وعمي وخالي -رحمهم الله- في العام 1418 هجرية.
لقد كان المشهد مدهشًا لا ينسى ولن يُمحى من ذاكرتي وأنا أرتقي السلم نحو باب الكعبة، وكأنني حبيب التقى بحبيبته بعد غياب طويل.. ذلك الباب الذي كنت أراه أثناء الطواف برفقة أبي -رحمه الله- مقفلًا يقف بشموخ وهيبة.
ولقد كنت أتساءل في زياراتي المتكررة بشكل شبه يومي على المسجد الحرام برفقة أبي -رحمه الله- عن الأشياء المختبئة خلفه، وعن التفاصيل التي تكتم أسرارها الكعبة.
لقد حانت اللحظة التي أرى فيها كل ذلك، وأنا أسابق الشغف نحو الباب كلاجئ باحث عن الخلاص، أو غريق وجد النجدة.. كنت غارقًا في بحار من الدهشة، وأنا أخطو خطواتي الأولى على بلاط الكعبة فهل هذا يعد حلمًا أم حقيقة؟
استيقظت على صوت أبي -رحمه الله-، وهو يقول لي: سنصلي على الجهات الأربعة كل جهة ركعتين! صوت في داخلي يقول لي: وكيف ذلك؟ حقًا.. للمرة الأولى ستصبح قبلتي متعددة! ولو أنني وددت أن أطبع على كل جدار من جدرانها قبلاتي الخاشعة.
أتذكر أنني عندما كنت أهم هاويًا نحو سجودي في إحدى جهات القبلة، تفاجأت بشخص يهّم أن يضع رأسه في ذات المكان المتجه رأسي إليه! مما سبب في شيء من التشتت وعدم الترتيب، ولكننا ولله الحمد سجدنا سويًا ومرّ الأمر بسلام، في مشهد لا يمكن أن يُرى إلا في أعماق الكعبة.
كان هنالك شخص مسؤول عن ترتيب دخول الناس وخروجهم، وبالتالي كان يسمح للناس بالمكوث في الكعبة لعشر دقائق فقط للفوج الواحد، ولقد مرت تلك الدقائق العشرة بسرعة هائلة وكأنها ثوانٍ!
ولكن ولله الحمد تم فيها أداء تلك الركعات الثمانية مع قضاء بعض التأملات في سقفها المكسو بقماش، وأعمدتها التي تقف شامخة في وسطها، وتحمل في عمود بينها مجموعة من الهدايا التي أُهدِيت في سالف الزمن للكعبة.
وأتذكر أن أصدقائي في تلك الفترة قبل أن يأتي محرك البحث (غوغل) كان لديهم الشغف في معرفة المكونات التي في داخل الكعبة، وكنت أحكي لهم تفاصيل دخولي لها بكل شغف وبإحساس العارف الفاهم.. ولكن عندما جاءت الإنترنت عرف الجميع كل شيء، وانتهت مهمتي.
حكمة المقال:
حباني الله بدخول الكعبة، وأنا في سن الثانية عشرة من عمري وأتمنى أن يرزقني دخولها مرات أخرى بإذن الله.. فهي مدهشة عندما تراها من الخارج، ولكنها أكثر فتنة من الداخل.. فدخولها يهب لك مشاعر لا يمكن وصفها.. فهي تاريخنا العريق وحاضرنا المجيد، وهي التي تمنحنا الطاقة نحو بناء مستقبل أكثر روحانية.
نعم زيارة بيت الله الحرام نعمة من النعم الكبرى وقد حباك الله بزيارتها وانت ابن اثنى شر سنة هذا فضل من الله سبحانه وتعالى لذي أرد لك اخير وفضلك على كثير من خلقه اللهم احفظنا واسترنا ووفقنا لزيارة بيت الله الحرام أبوبكر شرق الجزائر