شقشقات
يدهشني ويؤلمني أن أستحضر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنّ حُسن العهدِ من الإيمان”..
هي إيماةٌ فقط توقظ الوفاء لأهل العطاء، وتربّي في المتربي أن يلتفت في طريق الحياة، ولايغيب عن باله، وألا يتغابى عن من أسدى إليه جميلاً ولو لمرة واحدة.
“إنّ أبي يدعوكَ ليجزيكَ أجر ماسقيت لنا”… الآية
فالنبلاء لايضيع عندهم معروف، بل الأمر لايستدعي استحضاراً ولا تذكُراً في كثير من الأحيان والأحوال.
فأين نحن من زوجة جدّتْ واجتهدتْ، وضحّتْ ولذاتها أنكرتْ، وللعشِرةِ والمعروف حفظتْ؟!
وبالمقابل: أين نحن من زوج جدّ واجتهد، وأعطى وبذلْ، ولذاته أنكر، وللعشِرةِ والمعروف حفِظ ؟!
وأين نحن من الأخت التي تقمصّتْ دور الأم وحنانها وتفانيها، ومع السنين يُنسى كلُّ جهدها !
وأين نحن من زوجة عمّ أو خال، عاشرت بالمعروف والإحسان والنبل والذوق سنين طوال؟!
تجرّعتْ غصصاً، و كظمتْ غيظاً، واتّقتْ ربّاً، وجمعتْ شملاً. أين نحن من جارة بذلتْ المرؤة والنّدى، ومع الأيام تُنسى؟!
وأين نحن من زوجة أخ تحمّلتْ حِملاً، وأظهرتْ عقلاً، وبذلتْ لُطفاً، ولزوجها أكرمتْ أمّاً وأختاً، مع أن عِشرة النساء تحتاج صبراً !
لو كانت فواتير أمام أعيننا لسارعنا إلى سدادها، لكننا ننسى أن علاقاتنا تُحكم علينا بنصّ الحديث:
“إنّ حُسن العهدِ من الإيمان”.
بين الوفاء والجفاء تبدو سلوكيات نحسبها صغيرة وهي ليست كذلك:
مكالمة تفقديّة..
لمسة حُبّ..
رسالة شُكر..
تعيد للروحِ روحاً أنهكها الجفافُ والجحودُ، وقد بذلتْ فضلاً لافرضاً.
ليكن حادينا: “من لايشكر الناس لايشكر الله”.
ثقافة الشكر واللطف والإنصاف ثقافة تعيد للإيمان حلاوته، فهلاّ لا تذوقناها؟!
**
شقيق المساء
حامد العباسي
ماهذا البذخ التربوي والفكري أيها الباذخ وما هذا الشموخ الإيماني أيها الشامخ وما هذا المنهج الوفائي أيها الوفي دمت باذخاً شامخاً وفياً