يختلف تعريف التشويش بحسب مجال الاستخدام، فهناك تشويش إلكتروني وآخر نفسي وثالث فكري وغير ذلك. وبدون الخوض في التفاصيل يمكننا أن نعرَّف التشويش بأنه (أي) عائق يحول دون القدرة على التركيز، ويؤدي لشرود الذهن عن المعنى أو الفكرة الرئيسية، ويتسبب في تغيير مفهوم الرسالة أو موضوع الكلام.
وتتعدد أسباب التشويش، فهناك أجهزة إلكترونية متقدمة مخصصة لهذا الغرض يستطيع المستخدم لها أن يشوش على الطرف المطلوب التأثير عليه، وقد ينتج التشويش أيضًا من العوامل المحيطة بنا كصوت سيارة أو طائرة تمر أثناء المناسبة (اجتماع – درس…) فتشتت انتباه الحضور ولا تمكنهم من سماع ما يقال.
ومن مسببات التشويش البسيطة التي (لا حدود لها) ومفعولها قوي على المدى الطويل، الخوض في موضوعات مختلَف بشأنها بين أهل الاختصاص، ومن الأمثلة على ذلك مقطع قديم (منذ 1432هـ – أعيد نشره خلال رمضان 1440هـ) لشيخ يشكك في توقيت صلاة الفجر حسب تقويم أم القرى، وبطلان صلاة من سارع من المسلمين بأدائها! يقال بأن الشيخ قد تراجع عن رأيه، ولكن المقطع ظل (وسيظل) موجودًا حتى إشعار آخر وسوف يتسبب في التشويش على كثير من المسلمين، وكان الأجدى أن ينتظر الشيخ حتى تصل اللجنة المختصة لقرار نهائي، ثم يتم الإعلان عبر الوسائل الرسمية من الشخص المكلف.
مثال آخر، في مقابلة تلفزيونية صرح أحد الفلكيين زاعمًا عدم صحة دخول هلال رمضان لأكثر من 30 عامًا مضت! ولا أدري ما الفائدة من ذكر تلك المعلومة والتشويش على عباد الله بعدما صاموا، وهو يعلم أننا نتبع ولي الأمر وما يقرره عبر القنوات الرسمية (مجلس القضاء الأعلى)؟ *هذا التشويش يسبب بلبلة وانقسامات لا داعي لها.
ومن أدوات التشويش أيضًا كذب بعض المسؤولين من خلال نفيهم لأحداث وقعت بالفعل في منطقة ما، فيخرجون بلا خجل أمام وسائل الإعلام محاولين طمس الحقائق بالنفي! ثم بعدما تنتشر المقاطع عبر وسائل التواصل ينكشف كذبهم وتشويشهم !. هؤلاء، (ومن حيث لا يعلمون)، يقدمون وأمثالهم هدايا مجانية للأعداء المتربصين للطعن في أجهزة الدولة والتشكيك في مصداقيتها.
ومع ثورة الذكاء الاصطناعي ودخوله في العديد من التطبيقات والمجالات، سوف يشهد التشويش مرحلة جديدة لا تقارن بما قبلها*، فبعدما نجحت التجربة على الحيوانات، يواصل العلماء أبحاثهم حول إمكانية زراعة شريحة داخل الدماغ البشري تغني عن آلاف الكتب والمراجع ويمكن حشوها بالبيانات المطلوبة، وقد هاجم البعض هذه التقنية وما سوف تسببه من إلغاء التفوق البشري (الطبيعي) وأنها سوف تحول الإنسان إلى آلة يتم برمجتها والسيطرة عليها، ورغم تلك السلبيات والتشويش الذي قد يتعرض له العقل البشري إلا أن *زرع الشريحة سوف يكون بمثابة (مضاد إيجابي) ضد التشويش (البشري)
فالشريحة سوف توفر الحماية من تحايل (بعض) تجار الأراضي، حيث سيتمكن المشتري من مقاومة تشويش البائع لإخفاء معلومات الأرض، وسوف يتمكن المشتري من معرفة تاريخ صك الأرض (الحقيقي) وما جرى حولها من عمليات بيع وشراء وما إذا كانت الأرض (سليمة) أم متنازع عليها (اختلاف ورثة – منع بقرار من الدولة ) وسوف *تمنع الشريحة الكثير من التشويش النفسي الذي سيتعرض له المشتري بسبب الدوران بين كتابات العدل وأروقة المحاكم والبلديات
(لإثبات حقه)!
أما إذا زرعت الشريحة في دماغ المسؤول الأول (ملكًا- رئيسًا-زعيمًا-وزيرًا….) فسوف تحميه من تشويش البطانة وتمكنه من التحقق من صدق ما يعرض عليه من انجازات (لم تنفذ ولا تزال على الورق) تدعي البطانة أمامه بأنها إنجازات حقيقية.
خاتمة:
*ماذا لو تمكن الإنسان عبر زرع الشريحة من إضافة وحذف ما يشاء من أحداث، ترى كم من الذكريات والأفراد (الذين شوشوا حياتنا) سوف نحذفهم من دماغنا؟!*