فايز العرابي

حادثة السيارتين

نتعلم كل لحظة من تقلبات الأحوال في حياة لايدوم فيها الحال، وكل ذلك يؤثر على علاقة الإنسان مع نفسه، ويتأثر اتصاله بالآخر ويدخله في صراع نفسي متقلب نتيجة لتراكمات التفكير ومحاولة الهروب من الواقع .. ومن هنا ينجم عن ذلك بناء علاقات جديدة أو يحدث هدم لعلاقات وطيدة.

وحينما ننظر بتبحر في مجتمعنا نجد أننا نعاني من تبعيات هذه التقلبات؛ خاصة السلبية التي أحدثت شروخًا في جدار الصداقات، وفخخت جسور المحبة، وأنتجت لنا تسرباتها خلافات ومشكلات، أصبحت معقدة الحل.

فما منّا أحدٌ كان يتوقع أن أعمدة (طاش ما طاش) تسقطها يدا اللذان سهرا على البناء ..وكنّا نتوهم أن يتفرق من تساقط عرق جبينيهما جهدًا وعناءً على شموخه حتى أضحى فكرنا وعقولنا وحبنا لا تنفك عن ارتباط أي عمل فني درامي سعودي بهما معًا.

لكن في قاموس تقلبات الأحوال، ليس هناك ما يوقف حدوث هذه المؤثرات والأقدار التي تخرج العلاقات عن مسارها الصحيح ..فتكون الخلافات وتراكماتها بداية لنهاية أي علاقة مهما كانت قوتها سواء كانت بين الأقرباء أو الأحبة أو الأصدقاء ..

فثنائي (القصبي) و(السدحان) كان الأقوى على المستوى الشخصي والمستوى الفني، وكان نتاج تلك العلاقة القوية والأصيلة ذلك العمل الفني البارز (طاش) الذي أضاف لشخصية الفن السعودي قوة في ذلك الوقت، لكنهما تحولا إلى (أخصام) في لحظات الافتراق، وخرجا علينا بثياب (الأخصام) فاختفت عنّا متعة تلك المشاهد المؤثرة وذلك الإبداع المتجانس..وأزعجنا أكثر استمرار هذه الخصومة، رغم المحاولات التي سعى فيها المصلحون لاستعادة الوئام، واستبشرنا خيرًا عندما جمعهما الترفيه على مسرح واحد..لكن ما كان ذلك الالتقاء منطلقًا من أساس نسيان الماضي ..فجاءت حادثة (السيارتين) التي وصلت قضيتها للمحاكم، وتناقلتها وسائل الإعلام مفاجأة لنا لتعيدنا في دوامة أننا لن نسعد بمشاهدة هذين النجمين يجتمعان في عمل فني مشترك وأننا سنغلق أبواب (طاش ما طاش)؛ ليكون من إرث الماضي الذي افترق عليه أهله فمات في أحضان الخلاف والشوق له تمتلئ به قلوبنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى