بعض الدول تولد عظيمة، وراقية، وبعض الدول تولد صغيرة وتصل سن اليأس السياسي قبل أن تبلغ مرحلة الفطام، قطر من النوع الأخير، ولدت صغيرة، قليلة السكان، عديمة الأهمية الجغرافية، وكل هذه الأمور تشكلعناصر القوة الجيوبوليتيكية التي أفلست منها الدوحة؛ ولذا بحثت لها عن بدائل تعوض بهم نقصها، فوجدت ضالتها في دعم الإرهاب، وتبني مشروعًا هدامًا في المنطقة العربية، وكان من ضمن أدواته آلة إعلامية احترفت الكذب والتضليل، حتى جعلت قطر، كالهر يحكي انتفاخًا صولة الأسد.
لن أتحدث عن آخر ما تم اكتشافه من دعم قطر للإرهاب في الصومال، والذي أصبح حديث الساعة، ولكني سوف أتناول الإرهاب والكذب والتضليل والجهل والحماقة السياسية، وانعدام السيادة والتي تجسّدت في حماقة الدوحة بإقحامها الدين في خلافاتها السياسية فسلكت مسالك الهالكين الذين أعيتهم الحجة السياسية، فنادوا بتسيس الحج بحجج أوهن من بيت العنكبوت، فتهاوت ولم يقبلها، أو يتبناهاأحد.
الحجج التي ساقها النظام القطري، وحاول ترويجها لم تحظَ بإذن تنصت إليها بالرغم من محاولة آلته الإعلامية تكرارها وصناعتها في قوالب إعلامية متعددة، وتبادلها وتكرارها عبر إعلام الظل القطري، ومن دار في فلكه، لأنها تحمل في طياتها عوامل ضعفها بل وفنائها، لسببين رئيسيين، أحدهما أن ما تدعيه قطر وقبلها إيران يتناقض تمامًا مع الاستراتيجية السعودية تجاه خدمة الحرمين الشريفين، وتوفير جميع سبل الراحة لقاصديهما، والتعامل معه كحاج دون النظر إلى جنسيته، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الجيل الجديد، في العالم الإسلامي بشكلٍ عام، وفي قطر بشكل خاص جيل يتبنى ويؤمن بالواقعية أكثر من إيمانه بالأيديولوجيا، فالواقع يقول عكس ما تدعيه الدوحة!!.
فالفرق الرياضية تذهب إلى السعودية وتستقبل بالحفاوة والتكريم وتودع بمثلهما، فلماذا يصر تنظيم الحمدين على إعاقة حجاج قطر من الوصول إلى المشاعر المقدسة؟، وهو يدرك أكثر من غيره، أنهم سيرحب بهم أضعاف ما تلقاه الفرق الرياضية القطرية التي تلعب مع نظيرتها السعودية، انطلاقًا من حرص القيادة والحكومة والشعب السعودي على خدمة ضيوف الرحمن والاحتفاء بهم، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قبل عامين على صفحته الرسمية في تويتر، من الثناء والتقدير على الجهود السعودية الضخمة، المبذولة لخدمة الحجاج والزوار والمعتمرين.
قطر هرولت في جميع الاتجاهات بحثًا عن حل لأزمتها التي تسببت بها نتيجة سلوكها في دعم واحتضان وتصدير الإرهاب، والتدخل في شؤون الدول الأخرى التي صبرت على أذى، تآمر، وخيانة الشقيق الصغير، طوال عقدين من الزمان، لعل وعسى دونما فائدة، فاتخذت قرارها بمقاطعة قطر وقطع الطريق على مشروع الفوضى الهدامة الذي كان برعاية قطرية!! وكانت الإجابة التي تتلقاها رسل الدوحة إلى عواصم العالم واحدة؛ الحل في الرياض.
فأصبحت الدوحة كالمسعور يدور حول نفسه في حلقة مغلقة، فهداه من يتلقى منه الأوامر والتوجيهات إلى خلط السياسة بالدين، وأن يسلك دروب الهالكين في إقحام الحج في الخلاف السياسي كورقة مساومة وضغط للحصول على تنازلات عن الاشتراطات التي طالب بها الرباعي العربي؛ حتى تعود قطر دولة طبيعية في محيطها العربي والخليجي ولا تشذ عنهما، ولكن من سلب سيادة قطر وأمتلك ناصية قرارها السيادي، لم يسمح لها بالنظر إلى من قلدته الدوحة واتبعت خطواته، وهو النظام الإيراني العدو اللدود للمنطقة بشكل عام ودون استثناء، والسعوديةبشكل خاص، وهو يرسل بعثته لإنهاء إجراءات حجاجه، ولم يتعنت كالقرمطي القطري، الذي يبوء بإثم حجاج قطر للعام الثالث على التوالي.