المقالات

الطريق إلى القدس لا يمر عبر شتيمة السعودية

في العام 1991 صدر لي كتاب بعنوان “الطريق إلى القدس لا يمر عبر الكويت” عبارة عن المقالات التي نشرت لي في صحيفة “عكاظ”، والتي خالفت فيها موقف منظمة التحرير الفلسطينية التي أيّدت الغزو العراقي واحتلال صدام حسين للكويت في أغسطس عام 1990 في الوقت الذي كان يفترض فيه أن تقف ضد الاحتلال، أو على الأقل تتخذ موقفًا حياديًا من الأزمة. يمكن تلخيص الكتاب بجملة واحدة: “لا يجوز اتّخاذ موقف داعم للاحتلال فيما نحن دولة محتلة”، وهو موقف دفعت فيه المنظمة ثمنًا باهظًا على الصعيد السياسي والاقتصادي، إلى جانب ما لحق بالقضية الفلسطينية من تراجع. اليوم أقف مذهولًا أمام موقف فلسطيني يتكرر، لكن هذه المرة مع السعودية، مع الفارق بأن القيادة الفلسطينية تتخذ هذه المرة موقفًا رسميًا إيجابيًا، لكنه يحتاج – في رأيي – إلى وضوح أكبر؛ خاصة في ظل الحملة غير المفهومة وغير المبررة التي تشنها جماعات وفئات فلسطينية حاقدة على السعودية قيادة وشعبًا في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي شملت العديد من الإشاعات والأكاذيب والاتهامات الباطلة والأقاويل الملفقة بدءًا من مقولة إن الملك عبد العزيز باع فلسطين. وقد قمت بتفنيد هذه الافتراءات والأكاذيب في حينه بالوثائق والحجج الدامغة من خلال إلمامي الجيد بتاريخ المملكة والعلاقات السعودية – الفلسطينية، وكتبي الصادرة بهذا الشأن، ومقالاتي وأبحاثي التي نشرت لي حول هذا الموضوع منذ بداية الثمانينيات. وأستطيع أن ألخص أيضًا هذا الجهد بجملة واحدة: “تعتبر السعودية الدولة العربية والإسلامية الوحيدة التي واصلت دعمها ومساندتها للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني على كافة الأصعدة بلا انقطاع منذ ثلاثينيات القرن الماضي حتى الآن، وحيث أصبح هذا الدعم منطلق أساس في السياسة السعودية وأحد ثوابت تلك السياسة”.

هذه المقدمة تشكل ضرورة مهمة لموضوع شغل بال العديد من رواد التواصل الاجتماعي أمس (الاثنين 22/7/2019) على إثر المسرحية التي بطلها شخص مغمور ومأجور يبحث عن الأضواء والشهرة، ومخرجها الموسادي آفي ديختر والتي تهدف إلى دق إسفين في العلاقات السعودية – الفلسطينية وزرع المزيد من بذور الفتنة بين الشعبين الشقيقين مستغلة المناخ الراهن الذي ينجرف فيه العديد من الفلسطينيين في موجة حقد غير مسبوق على السعودية، وقد شعرت بالاستياء على إثر مشاهدتي – ومعي الآلاف – للشخص الذي يعتمر الملابس التقليدية السعودية، والذي تعرض للبصق والرمي بالكراسي والنعال من قبل الأطفال المقدسيين، وهو يجوب باحة المسجد الأقصى الشريف. وكان تعليقي الإدانة الشديدة للاعتداء على الأخ السعودي واعتبرته موقفًا جبانًا ولا أخلاقيًا، ثم أخبرني أحد الأصدقاء حقيقة ما حدث على النحو الآتي:

-تأكيد الاتحاد العام للصحفيين العرب بعدم قيام أي صحفي ينتمي إلى جمعيتي الصحفيين البحرينية والإماراتية وهيئة الصحفيين السعوديين ونقابة الصحفيين العراقيين بزيارة إسرائيل. واستنكر الاتحاد الدولي للإعلاميين العرب إقحام المملكة العربية السعودية في أمور فردية يقوم بها فرد يمثل نفسه فقط، وتضخيمها على أنها تمثيل دولة، وخلطها بالأمور السياسية، كما أنها تنم عن حقد دفين يكنه من ظهروا في مقطع الفيديو على السعودية وقيادتها وشعبها. وهذا مرفوض جملة وتفصيلًا.

-الشاب الذي ظهر بالفيديو اسمه محمد عيد المصري مقيم في تركيا. وقد دأب على محاولة لفت الانتباه على حسابه الشخصي في اليوتيوب.

-الشاب الآخر (محمد سعود) الذي ظهر في فيديو آخر، ليس الصحفي السعودي الذي يعمل في “عكاظ” ، والبعض ظن أن هذا الصحفي (محمد سعود) هو من زار إسرائيل.

-بعد انكشاف اللبس في الموضوع لايزال استنكاري للموقف العدائي وغير الأخلاقي لبعض المقدسيين إزاء هذا الشاب في تلك المسرحية البايخة، فهذا الشاب – قبل معرفة حقيقته – كان يرمز للمواطن السعودي، والسلوك الذي بدر من هؤلاء الأطفال عكس الصورة النمطية المطبوعة في ذهنية أولئك الأطفال حول السعوديين.

في النهاية أقول إن هذه المكيدة التي دبرت بليل هدفت – كما هو واضح الآن- على التغطية على إقدام إسرائيل بنسف وهدم عشرات المنازل بالقرب من ساحة المسرحية، وقتل أي مشاعر لتعاطف الشعب السعودي إزاء الجرائم الإسرائيلية ضد القدس والمسجد الأقصى. وأرى أنه يتوجب على القيادة الفلسطينية إصدار بيان حول هذه الحادثة والتأكيد على حقيقة الموقف السعودي بأن القيادة السعودية ترضى بما يرضى به الفلسطينيون. وأنا على يقين بأن حماس وعملاء قطر وإسرائيل وتركيا وإيران ليسوا وحدهم وراء موجة الحقد على السعودية، فهذه الموجة التي تستفيد منها وتستثمرها إسرائيل يغذيها أيضًا مثقفون فلسطينيون يساريون يتغاضون عن الدول التي أساءت فعلاً للقضية الفلسطينية ذبحًا للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ويركزون هجومهم وانتقاداتهم للسعودية، وهؤلاء لا يلحقون الضرر بالقضية الفلسطينية، وإنما أيضًا بالشعب الفلسطيني الذي تضرر بموقف مشابه على إثر الاحتلال العراقي للكويت في 2 أغسطس عام 1990..

Related Articles

One Comment

  1. بالعكس اخي أغلبية الشعب الفلسطيني يكن حبا كبيرا لكل الشعوب العربية بعض النظر عن الهوية، المستفيد الكبير من هذا الحادث هي اسرائيل، وهي من عرفت مسبقا ماذا ينتظر هذا الرجل وتركته وحيدا دون حماية، من يريد زيارة والصلاة في القدس لا ينسق ولا يبارك زيارته الاحتلال وصدقني هذا الاحتلال لا يفرق بين الدم الفلسطيني أو الدم السعودي، فكلنا في الهم شىرق.
    فقط انظر من المستفيد من هذه الحادثة وستعرف من خطط لها واراد لها أن تصبح قضية، ليس من المنطق ابدا أن عدوي يصادق اخي الا اذا كان اخي هان عليه دمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button