عبدالله غريب

الصراع بين القبيلة والقبلية !!

لا شك ولا ريب من أن القبيلة في بلانا أحد المكونات الرئيسة في مجتمعنا السعودي وقد يمتد هذا المكون لدول الجوار وليس غريبا أن يكون في دول عربية أو إسلامية وحتى عالمية باعتبار ذلك أمر فطري وانتماء لا يعيب الشخص أن يكون له انتماء لهذا المكوّن الذي يعتبر من الروابط الإيجابية وفي الإسلام بالذات إنطلاقا من قوله تعالى :  ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا … الآية ).
من هنا تنبع أهمية القبيلة ولو عدنا للتاريخ الإسلامي ولعهود الأنبياء لوجدنا أن للقبيلة أهمية كبيرة في حياتهم وفي قصصهم عبرة لأولي الأبصار فلكل نبي قوم يعتز بهم ويأوي إليهم وقت الشدّة  ويدعو فيهم وينتصر بهم فالقبيلة كما يقال قَدرٌ  كوني في المجتمعات منذ بدء الخليقة ونستدل بدليل واحد  أو أكثر ونقيس عليه فقد ورد أنه ما منع قوم شعيب عليه السلام من التعرض له إلا قبيلته ورهطه حيث دعا قومه إلى التوحيد الذي هو القاسم المشترك بين كل الأنبياء في أقوامهم وضجروا من تهديده ووعيده وتخويفه لهم من عقاب الله عندما نهاهم عن الظلم فلما ضاقوا به ذرعا ( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز  … الآية). والشاهد هنا خوفهم من رهطه.
كما نفع الله بها نبيه صالحا وفي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خير مثال حيث ارتدع المشركون من التعرض له ما دامت قبيلته قريش وعمه أبو طالب الذي يدافع عنه بعصبية اعتبرت ضرورة رغم أنه كافر فامتن الله عليه إذ قال : ( ألم يجدك يتيما فآوى ) بمعنى أن الله ضمك لعمك أبي طالب وهي ربما العصبية الوحيدة المحمودة  في الإسلام  وربما هناك لها شبيه في الأمم الأخرى .
من هنا فإن القبيلة لا تعيب أي مجتمع باعتبارها المحضن الذي ينتمي له الشخص ضمن مكوناتها الرئيسة التي تشكل الأسرة عمودها الفقري ومفاصله التي يتحرك من خلالها ولاشك أن هذا الإقرار يقابله إنكار لتأصيل القبيلة التي تعيش على تمجيد القبلية من باب  العنصرية والافتخار بالحسب والنسب فالله سبحانه اختتم الآية الكريمة التي أكد فيها وجود القبائل والشعوب ليجعل الهدف واضحا لا لبس فيه وهو أحكم الحاكمين عندما قال : لتعارفوا .. وأكملها بقوله : إن أكرمكم عند الله أتقاكم .. لينهي الجدل حول عدم جدوى العصبية والقبلية المقيتة التي يحاول البعض التفاخر بها تصريحا وتلميحا بطرق كثيرة بأن قبيلته هي الأكرم والأشجع والأفضل و و الخ من المديح الذي يأتي عبر وسائل عدة وكأنه يريد النيل من القبائل الأخرى بطرق شتى والتفاف  قد يكون الدافع فيها إحياء العصبية التي تقرب وتبعد وتفرِّق بحسب المدخلات التي لم ينزل الله بها من سلطان .
ما دعاني هنا لبحث هذا ما قررته وزارة الإعلام مؤخرا من ضرورة تغيير أسماء السنابات والصحف الإلكترونية التي انتشرت في عصرنا اليوم بفعل تقدم تقنيات الاتصال عبر وسائله الجديدة حتى أصبح لكل قرية وقبيلة وأسرة  وربما شخص وسيلة ينقل من خلالها الأخبار وينشر في اللحظة ذاتها من موقع الحدث ما يريد من صور وتعليقات وكلمات ونشاطات وموائد فيها إسراف وتباهي وتتحول إلى مادة إعلامية سريعة الوصول للمتلقي بالتقنيات الرقمية مما جعل بعض ما ينشر فيه تحيز وعدم حيادية ولا إنصاف بل تتعدى لأن تكون مواد قد تضر ولا تنفع وقد ترفع أقواما وتضع آخرين بقصد أو بغير قصد وبهذا القرار الذي نتمنى تفعيله ومتابعته لنأمل ألا يتوقف على تغيير المسمى بل نريده يتابع المحتوى وأن يشمل القنوات التلفزيونية الخاصة التي تبث على مدار الساعة ما قد يوحي بالعصبية القبلية من خلال الأشعار والحفلات والشيلات التي أصبحت مادة جديدة ألغت الموروث الشعبي الذي يجب علينا المحافظة عليه باعتباره من صلة الود للأجيال السابقة كذلك نتمنى أن تتم مراقبة ما يتم نشره على أشرطة البث في تلك القنوات إذ يلاحظ أن بعض تلك المواد لا تتفق والرؤية التي نعيشها اليوم في هذا العهد الزاهر الذي نقلنا للمدنية وأن بعضها يسيء للعقل بالنقل المرتبط بقيمة الإعلان الذي قد لا يتفق ومفهوم الدين ولا العادات والتقاليد مقرون بالصور والفديوهات التي قد تخدش الحياء أمام الأسرة التي تعتبر أهم مكونات القبلية التي تشكل برمزيتها المجتمع كله وفي هذا التوجه إيجابية محمودة بالتأكيد .
نقطة نظام :
يعتبر الشعراء لسان حال مجتمعاتهم نتمنى أن يتشكل لديهم الوعي الثقافي بضرورة عدم إقحام القبلية في أشعارهم سواء الشعبي أو الفصيح وبالذات في الحفلات الشعبية التي تقام في مناسبات مختلفة وأن يتم وضع حدّ لكل ما يذكي العصبية ويثير غبار الكراهية ويبث الحقد والغيرة السلبية وأن يعملوا على استغلال مواهبهم الشعرية للتآلف ووحدة المجتمع وأن يؤخذ على يد كل من يتسبب في هدم المجتمع وتفتيته .

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button