بهذه الآية القرآنية الكريمة اختتم رئيس مجلس إدارة مؤسسة دول جنوب شرق آسيا خطابه الذي ألقاه عند تدشين المؤسسة لمشروع (مكيفات البكج) كأحد أهم المشاريع التي توفر أقصى درجات الراحة والسلامة الصحية لحجاج بيت الله الحرام من حجاج المؤسسة في موسم حج هذا العام، والذي يصادف أقسى فصول الصيف حرارة وهو شهر أغسطس.
حقيقة لم تكن الآية مجرد تلاوة وحفظ يرددها .. ولكن رئيس المؤسسة أبهر الحضور بكلمته التي جاوزت حدود الإقناع إلى الاستمتاع بالحديث؛ الذي قارب نصف ساعة؛ فقد استخدم لغة الجسد والتعبيرات والإيماءات، بل لغة الصوت ما بين الارتفاع والانخفاض لجذب المستمع والتواصل البصري مع الحضور، وتوزيع نظراته، بل وذكر أسماء بعينها للفت الانتباه وهذا فن الاستقطاب، وهي مهارة لا يتقنها الكثيرون وحتى المعلمين في فصولهم.
كما استخدم أسلوب (القصة)، وهو من أكثر الأساليب تشويقًا.. نعم من تلك القصة كانت الحكاية: إنها إحدى قصص الطوافة التي زرعت في مخيلة الشاب اليافع، محمد أمين بن حسن اندرقيري حينما شهد في إحدى سنوات عمله إصابة الحجاج بضربات الشمس ووفاة العشرات منهم من شدة الحرارة .. ومنهم كانت جدته .. لم تكن تلك المشاهد سوى إصرار وعزم من رجل من رجال الطوافة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه من تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن؛ وفق توجيهات قيادتنا الحكيمة في توفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة لحجاج بيت الله الحرام .. فبدأت الحكاية بتحسين وضع الخيام الداخلي بوضع مراوح رذاذ، فمولد كهربائي احتياطي للمخيمات، ثم بمكيفات صحراوية، وأخيرًا تم وصول (مكيفات البكج) (package tent)، وهي عبارة عن وحدات تبريد ضخمة توضع خارج الخيمة وفقط فتحتها الداخلية للهواء تكون في الداخل، وتتفاوت في أحجامها من 6أطنان، 12طنًا، 25طنًا حسب حجم الخيمة. وهذه الخيام تمتاز بالطاقة العالية والاستهلاك العالي للطاقة، ولكنها في نفس الوقت تقدم أفضل تبريد حتى في درجات حرارة 50 ْم، وهذا ما أكد عليه أيضًا د. عثمان إدريس في كلمته كعضو إسكان مسؤول عن سلامة السكن وتوفير الأجواء الملائمة بما يحقق صحة حجاج بيت الله الحرام وحمايتهم من الحرارة المتوقعة؛ حيث كانت هي الدافع الأكبر لتبني هذا المشروع الإنساني العملاق ..
لقد أحسن رئيس المؤسسة حينما وجه عبارته من (أحياها..) إلى كل عضو من أعضاء مجلس الإدارة وذكرهم بأسمائهم، وإلى رؤساء مكاتب الخدمة الميدانية، وإلى الشركة المشغلة للمشروع، وإلى مكاتب شؤون الحجاج من دول إندونيسيا، والصين، وتايلاندا، والفلبين ..وهي تنبيه قوي ولافت إلى العمل وبذل الغالي والرخيص في سبيل تحقيق هذا الهدف الأسمى .. بل لم يمنعه كبرياءه حينما نسي ذكر أحدهم أن يصعد للمنصة مرة أخرى ليذكر اسمه ويقول له: (من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا) ..
حقيقة كان حفلًا رائعًا بكل المقاييس، وتدشينًا يتناسب مع الهدف فبالإضافة إلى عرض الأفلام الوثائقية لمخيمات جنوب شرق آسيا، وتنظيمها، ونوع الفُرش المستخدمة والسرر القابلة للطي بألوان زاهية، وتنظيم للأسرة يتناسب مع حجم المكان ..تم عرض فيلم تدشين مبنى (مشارق) الذي يعتبر تحفة معمارية حديثة بمواصفات إنشائية عالية.
بل كانت مفاجأة الحفل بتقديم الفنانة التشكيلية / حنين أيمن؛ حيث رسمت لوحة المشاعر المقدسة أثناء الحفل، وكانت رائعة في تجسيدها وألوانها، وقدمت كهدية للشركة المشغلة للمشروع.
وفي نظري فإن جمال الحفل كان أيضًا باستضافة القامة الإذاعية الأستاذ الفاضل/ حسين نجار؛ ليكون ضيف الشرف للحفل، ويلقي كلمة بهذه المناسبة.. كم هي لفتة إنسانية واجتماعية رائعة جسدتها مؤسسة جنوب شرق آسيا في استضافة القامات الذين قدموا عطاءات متنوعة للوطن، وكانت لهم بصمات رائدة بتكريمهم، والاعتراف بفضلهم في خدمة الوطن.
ثم جاءت الكلمة الأخيرة لمديرة شؤون الحج الخارجي بجمهورية إندونيسيا / د. سري إلهام لوبيس التي قدمت شكرها وتقديرها إلى حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على جهودهما الجبارة في المتابعة والتوجيه لتحسين الخدمات للحجاج، وإلى رئيس وأعضاء مجلس الإدارة المؤسسة، وإلى مكاتب الخدمة الميدانية، وأنها فعلاً وغيرها يراقبون تطور الخدمات في هذه المؤسسة عامًا بعد عام.
حقيقة إن أجمل العطاء حينما تكون النية صادقة وخالصة لوجهه الكريم.. وليس لمجرد الاستهلاك الإعلامي.. شكرًا لكل المخلصين في مؤسسة دول جنوب شرق آسيا وإلى الأوفياء من جميع مقدمي خدمات الحجاج، وأعانهم المولى عز وجل ليكون حجًا ناجحًا بإذن الله تعالى ..