تعتبر المملكة العربية السعودية الحصن الحصين، والحضن المكين، للعرب والمسلمين، احتلت مكانة خاصة في قلوبهم ففيها، نبي الأمة عليه السلام، ومهبط الوحي، ونزول القرآن، ومهد الإيمان، وأرض الإسلام، ومنبع الدين، وقبلة المسلمين، وقلب العالم الاقتصادي كما أنها محور أساسي استراتيجي لموقعها الجغرافي وتاريخها العريق الضارب في خاصرة التاريخ وعمقه.
كل هذه العوامل الإلهية والبشرية والاقتصادية أعطاها الحق في تزعم العالم الإسلامي، بالإضافة لانتهاجها الشريعة الإسلامية فتشكلت سياستها الخارجية على خط ثابت منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز ومن تبعة من أبنائه البررة، رغم الظروف الإقليمية والسياسية والتحديات آن ذاك، والتي استمرت في منطقتنا العربية والإسلامية حتى اليوم، لم تتوان عن بذل كل ما من شأنه المساهمة في استقرار المنطقة متخذة الهدوء والاتزان والحكمة والحنكة والتروي شعارا ومنطلقا لها.
وفي الوقت الراهن يجسد كل من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد حفظهما الله، الغيرة الوطنية العربية والشعور بالمسؤولية الإسلامية، وأن يقدموا التضحيات كي تبقى المملكة قوية شامخة حاملة الرسالة الإسلامية، عاملة على تحقيق أهداف الأمة العربية والإسلامية، قادرة على إحباط ما يحاك لها من المؤامرات الداخلية والخارجية”.
أن المملكة العربية السعودية لم تبحث عن دور إسلامي تمثله من أجل المجد الشخصي لقيادتها السياسية، فقامت بإنشاء ودعم عدد كبير من المنشآت التعليمية كالجامعات والأكاديميات والمعاهد والمدارس في كثير من أقطار العالم وجعلت مخصصات ثابتة لتمويلها.
وأقامت المساجد، وزودتها بالمصاحف المترجمة، نظرا لدورها في حياة المسلم اليومية وأثرها في تربية وتهذيب النفوس، وقد بلغ عدد المراكز الإسلامية التي قامت المملكة ببنائها والإسهام في إنشائها أكثر من (250) مركز إسلامي، أما المساجد فقد بلغت أكثر من (1660) مسجدا منتشرة في مختلف أنحاء العالم.
وزاد من منطلق التأكيد على نهج المملكة الثابت من القضايا العربية وتحقيق الأمن والسلام الدوليين في البؤر المتوترة العربية والإسلامية إقليميا، والعمل علي تجاوز الخلافات العربية والإسلامية، اتخذ ملك الحزم والعزم والجزم والإنجاز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. القرارات التاريخية والتحالفات العربية والإسلامية المؤدية إلى وحدة الصف والكلمة في مواجهة التحديات التي تشهدها الأمة.
وتحملت المملكة العربية السعودية أكثر مما تستطيع في سبيل مبادئها ومناصرة إخوانها في كل مكان، منذ عهد المؤسس حتى عهد ملك الحزم.
ويؤكد ذلك اعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال “قمة القدس” وقال: “ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين”.
وان القضية الفلسطينية تتصدر أولويات المملكة الخارجية على كافة الأصعدة والمستويات
ولم تتوانى المملكة في تقديم المعونات والمساعدات فأنفقت مئات المليارات وتم إنشاء صندوقين باسم (صندوق الأقصى وصندوق انتفاضة القدس) برأسمال قدرة مليار دولار
كما اهتمت حكومة المملكة بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، حيث قدمت المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين مباشرة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطيني الأونروا المتمثلة في مساهماتها السنوية البالغة 60 مليون ومائتين ألف دولار لميزانية الوكالة، وقدمت لها تبرعات استثنائية بلغت حوالي ستون مليون وأربعمائة ألف دولار، لتغطية العجز في ميزانيتها وتنفيذ برامجها الخاصة بالفلسطينيين. والآن تبرع خادم الحرمين الشريفين 50 مليون دولار للأونروا.
كما ساندت ودعمت ووقفت إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق عبر تاريخه بكافة طوائفه ولم تتخلي عنه واستمرت في مؤازرته منذ الثمانينات هيأت ونسقت وصممت لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية المستمرة منذ عقود، وإعادة تأكيد السلطة اللبنانية في جنوب لبنان (التي كانت تحتلها إسرائيل) و تم التفاوض في الطائف بالمملكة العربية السعودية، وأصبح يسمي اتفاق الطائف التي وضعت بين الأطراف المتنازعة في لبنان منهيا الحرب الأهلية اللبنانية وذلك بعد أكثر من خمسة عشر عاما على اندلاعها.
كما وثق تقرير دولي حجم المساعدات التي قدمتها المملكة العربية السعودية للبنان خلال الفترة الواقعة بين عامي 1990 و2015, مقارنة بالتقديمات الإيرانية للبلاد, كاشفا أن الهبات والمنح التي قدمتها المملكة للبنان، تناهز 70 مليار دولار.
كذلك تصل قيمة الاستثمارات اللبنانية في بلد الحرمين 13 مليار دولار، كما بلغت قيمة المؤسسات التي يملكها لبنانيون 125مليار دولار، وقد عملت كل ما في وسعها لنهضة واستقرار لبنان ولكنها تقابل اليوم بمواقف لبنانية مناهضه لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية، في ظل مصادرة ما يسمي حزب الله اللبناني لإرادة الدولة، وما يمارسه من إرهاب بحق الأمتين العربية والإسلامية، وهي على يقين بأن هذه المواقف لا تمثل الشعب اللبناني الشقيق.
وفي اليمن، استنجد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في شهر مارس 2015 مجلس الأمن ودول الخليج بالتدخل عسكريا لإنقاذ اليمن، الأمر الذي أخذت فيه المملكة زمام المبادرة وأعلنت تشكيل تحالف عربي تقوده لتخليص اليمن من ميليشيات العبث الحوثية المتحالفة مع قوات على عبد الله صالح والمنفذة للبرتوكولات والاطماع الإيرانية الداعمة لها، وبدأت عملية “عاصفة الحزم”
لتجسد أهدافا وغايات نبيلة أساسها الدفاع عن قضايا الحق والعدل والتمسك لمساندة الشرعية في اليمن وإحياء روح عربية جديدة لا تقبل التدخل في أي شأن عربي وتطهير الجسد العربي من أي فيروسات إرهابية فارسية تضعف وتنهك الشعوب العربية” وانفقت مبالغ للمساعدة لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن، حتى بلغت 18ملياردولار، ما يؤكد أن لا أطماع للمملكة في اليمن.
كما قامت المملكة بتقديم بطاقة “زائر” للأشقاء اليمنيين الذين يعيشون في المملكة حيث بلغت عدد اليمنيين الذين منحت لهم هذه البطاقة أكثر من “450” ألف مواطن يمني، وهو ما سمح لهم بممارسة العمل.
تبوأت المملكة العربية السعودية صدارة الدول الرائدة في الأعمال الإنسانية والإغاثية والتنموية في مختلف دول العالم، حيث دأبت على مد يد العون والمساعدة الإنسانية للدول العربية والإسلامية والصديقة، بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في العاصمة الرياض، الذي سيدفع بعملها الإنساني العالمي لمزيد من العطاء والبذل، وفق أسلوب تنظيمي يضمن دقة وصول المساعدات لمستحقيها وبصورة عاجلة والمسلمين في جميع أقطار العالم في أعلى درجات سلم أولوياتها.
وتصدرت المملكة الريادة ضمن قائمة أكبر 10 دول مانحة للمساعدات الإنمائية في العالم -طبقا لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة -وتجاوز إجمالي ما أنفقته على برامج المساعدات الإنسانية خلال الأربعة عقود الماضية. مبلغ (115 مليار دولار) استفاد منها أكثر من 90 دولة في العالم.
ومن جهود المملكة الإغاثية وكعادتها دوما في سرعة الاستجابة، فقد سارعت المملكة لتقديم الدعم والعون لدولة إيران، على الرغم من مناصبة إيران العداء للمملكة، منذ قيام الثورة حتى اللحظة.
وكانت الأقرب لإيران حينما تعرضت مدينة” بأم ” الإيرانية للزلزال المدمر. الذي وقع في ديسمبر 2003 م، مما نتج عنه دمار كبير بلغت نسبته في بعض المناطق” 85% “.
وتأتي مبادرة المملكة لعام 1440في الإعفاء من الديون للدول الأقل نموا من خلال تنازلها عن أكثر من 6 مليارات دولار من ديونها المستحقة للدول الفقيرة دون مزيد من التفاصيل أو أسماء تلك الدول.
ونتيجة لهذه الأعمال الإغاثية فقد أصبح اسم المملكة مزروعا في قلوب الملايين من المتضررين الذين يدينون للمملكة بالشيء الكثير بعد أن تخلت عنهم كثير من الدول الغنية. فكانت مملكة الإنسانية عون الفقير وسنده أينما، وفق ما جاء به الإسلام دين التسامي والتسامح والألفة ونصرة الضعيف دون الالتفات لديانته أو مذهبة وهذا ما ميز المساعدات السعودية لصدق هدفها النبيل وابتغاء الارتقاء بالأمة العربية والإسلامية والانسانية.