في عالم المعتقدات الدينية أي كانت؛ نجد أنها تغلغل إلى القلوب، والعقول، ويتجمد التفكير أمامها؛ مهما كانت المعتقدات سماوية كانت، أو وضعية، وما يتفرع عنها من مذاهب، وتيارات فكرية نابعة منها؛ لهذا نجد أن كثيرًا من أصحاب تلك المذاهب بتياراتها رسمت في أتباعها ذهنية مشوهة عن الآخر؛ حتى وإن كان يدين بالدين الأم لتلك المذاهب؛ لهذا نجد العامي البسيط، وربما حتى أصحاب العلم لديه قناعة مسبقة نتيجة هذه الذهنية المغروسة نتيجة خطاب مؤثر عن الآخر؛ ولذا فإنه ينتج عن ذلك عدم التلاقي، وانعدام حوار بناء؛ بيد إن الإسلام يدعو أتباعه للحوار مع أصحاب الديانات الأخرى سواء كانت سماوية، كالنصرانية، واليهودية، أو ديانات وضعية شركية في قوله تعالى: “قل تعالوا إلى كلمة سواء”، وهذا النص وغيره من النصوص يتلوها أصحاب المذاهب الإسلامية، ويؤمنون بها، وأثرها في التقارب.
إنها الذهنية المشوّهة نتيجة خطاب إقصائي ران كثيرًا وساد، وربما كان نتيجة ظروف معينة جعلت له صفة الاستمرارية.
وأخذت هذه الذهنية المشوّهة تطال التيارات الفكرية كالعلمانية، والليبرالية، والحداثة، والصحوة، والسلفية، إذ إن أصحاب تلك التيارات حين تمكنوا من وسائل التأثير، وقوة الخطاب المضاد كل تيار رسم في ذهنية المجتمع والعوام من الناس، وربما أصحاب الشهادات ذهنية مشوهة عن الآخر؛ فمن خلال منابر الدعوة رسموا ذهنية بأن العلمانية في المملكة العربية السعودية تفصل الدين عن الحياة، وبأن الحداثة تدعو إلى الانحلال من الثقافة الإسلامية وإحلال مكانها ثقافة غربية وهم يرون أن ذلك إنما هو انسلاخ من الهوية الإسلامية والعربية، ويرون في الليبرالية إنها تدعو إلى الحرية المطلقة كما هو كان في الغرب، ثم نجد في الطرف الآخر (الليبرالي، العلماني، الحداثي) كان له ردة فعل تجاه ذلك فكرس في الذهنية، إن من يتزعمون السلفية، أو الصحوة أو غيرها من التيارات الدينية إنما هم يتصفون بالتشدد والانغلاق، وأنهم أوصياء على المجتمع.
لم نجد دعاة الوسطية، والاعتدال، وهو المنهج الذي عليه قامت المملكة العربية السعودية، وعليه علماء المملكة العربية السعودية لهم موقف من تلك الأفكار والتيارات، وبكل وضوح وشفافية ترك الأمر أشبه بالصراع بين أصحاب تلك التيارات الفكرية المتضادة، حيث تملكت وسائل التأثير وأدوات الخطاب المؤثر سواء كان من خلال الصحف، أو المنابر الدعوية، والثقافية، والتربوية بينما كانت الوسطية شبه غائبة، وهو ما عبر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله- العلماء أعضاء هيئة كبار العلماء بأن يتركوا الكسل.