تتربع على عرش السحب، بيضاء كثلج الشتاء، مهوى للنّفوس المتعبة، كقناديل الليل تهواها فراشات المساء، في تلاليف صخورها المتكئة على كتف الماضي يسكن هوى قديم، وفي كهوفها الموحشة تستوطن حكايات الجنيّات الشغوفة بالغموض، حين تقترب منها عليك بالحذر فربما جذبتك روح تسكن هناك، لا عليك فقط كنْ على مسافة منها، واستلقِ على ظهرك، وأطلق لتلك الروح العنان كي ترسم لك خارطة الدّهشة، ولا تنسَ أن تضع يدك على صدرك كي لا تسرق منك قلبك. سوف ترسل إليك كواكبها ونجومها كي تتجلل بالضياء، وسوف تبيح لك مناجاة المتيّمين، امضِ معها في رحلتها الخفيّة، وتذكر دائمًا أن تتحسّس موضع قلبك، ولسوف تحاول أن تستدرجك إلى الكلام فلا تفعل، لأنك إن فعلت هوت بك في بطون أوديتها السحيقة غير مأسوف عليك، وهناك لن تنتهي أو تتلاشى كما تظن، بل سيتلقفك جمعٌ من الغرباء فلا تحسب أنك ستبهرهم بحكمتك لتوجد لنفسك مهربًا، أو ستحملهم على صداقتك لتأمن جانبهم، فقد تسخر منك شمّ جبالها التي استلهمتْ منهم شموخها وصلادتها، فكفّ عن المناورة، واستسلم لصغيرهم كهيبتك من كبيرهم، واملأ وعاءك من نضح ضفافها، واحذر من أن يسرقه منك أحد، وامضِ حيث تؤمر، فقدماك تسوقهما أمامك، ويداك تتسللان إلى صدرك كي تتحسّس قلبك.
2
سلم قلمك الجميل والمستمد من فكرك النير.. دمتي متأقلة ودامت لنا مقالاتك.
الغالي أبو ديمة
شكراً لك على كلماتك الرقيقة
تحيتي