في زمن اشتدت فيه المنافسة، وكثرت فيه مقاييس الأداء، وتنوعت فيه الخدمات، بل وتعددت الجهات المقدمة لها،أصبح من الضروري على مؤسسات أرباب الطوائف أن تواكب التقدم؛ لتكون أجهزة معاصرة تستطيع الاستمرار لتخدم حجاج بيت الله الحرام بمقاييس، ومفاهيم، ومعايير معاصرة، وبأسعار تنافسية تعكس الروحانية ولا تعكس استغلالية الزمان والمكان لغير ما ينبغي له.
هذا المفهوم كان محل اعتبار جميع الأطراف الرسمية، والأهلية على حد سواء. فعلى سبيل المثال فقد اهتم مجلس الوزراء الموقر بتطوير مؤسسات أرباب الطوائف؛ حيث أصدر قراره رقم 545 في 16/09/1440هـ، والذي تمت بموجبه الموافقة على نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج وإلغاء كل من:
-نظام المطوفين العام الصادر في عام 03/11/1367هـ.
-نظام وكلاء المطوفين.
-نظام هيئة الأدلاء بالمدينة المنورة.
-قواعد تأديب أفراد طوائف المطوفين والوكلاء والأدلاء والزمازمة.
لقد تضمن قرار مجلس الوزراء الموقر أيضًا أمرًا بإعداد نموذج نظام أساسي لشركات أرباب الطوائف، وشركات تقديم الخدمة بالتنسيق مع وزارة التجارة والاستثمار، وكذلك إعداد التصنيف النوعي والكمي للخدمات التي سوف تقدمها شركات تقديم الخدمة للحجاج القادمين من خارج المملكة العربية السعودية.
إن مشروع تحول مؤسسات الطوافة إلى شركات مساهمة يهدف في المقام الأول إلى رفع مستوى جودة الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، ولخلق فرص استثمارية ضخمة تسهم في تنمية الاقتصاد السعودي.
هذا الحراك الحكومي دفع بمؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا إلى حمل راية التحول، والتي بدأت بالبحث عن الشركات وبيوت الخبرة العالمية والمحلية المتخصصة في عملية تحويل المؤسسات الأهلية إلىشركات مساهمة، ثم التوقيع في غرة شهر ذي القعدة من هذا العام 1440هـ مع اتحاد رونق الحكمة لقيادة مشروع التحول بالمؤسسة المتوقع أن يسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030.
أما وزارة الحج والعمرة بقيادة صاحب المعالي وزير الحج والعمرة الدكتور محمد صالح بن طاهر بنتن، ونائبه الأستاذ الدكتور عبدالفتاح المشاط، التي حملت على عاتقها مشروع تحويل مؤسسات أرباب الطوائف إلى شركات مساهمة فقد لعبت دورًا جوهريًا في ظهور مشروع تحويل مؤسسات أرباب الطوائف إلى شركات مساهمة.
هذا المشروع غيرالمسبوق استنزف جهودًا مضنية من مسؤولي وزارة الحج واجتماعات متعددة لأكثر من عام واحد؛ وذلك لبلورة جوهر هذا المشروع الذي توج بقرار مجلس الوزراء رقم 545 المشار إليه آنفًا.
إن لمشروع التحول العديد من المزايا لعل من أهمها:
1.تحديد الشكل القانوني لمؤسسات أرباب الطوائف(شركات مساهمة بدلاً من مؤسسات أهلية) لما يسمح لهاخوض غمار الاستثمار، وممارسة زيادة دخلها من خلال تنوع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على عوائد الخدمة فقط لاغير.
2.تكوين كيانات اقتصادية قوية ماليًا وإداريًا تستطيع المنافسة عالميًا، وتحسين الخدمة بما يتوافق مع معايير الجودة العالمية، وكذلك تسهيل عملية الاقتراض من البنوك، وبالتالي إمكانية الاستثمار في مجالات متعددة.
3.تمكين مساهمي مؤسسات أرباب الطوائف من الاستفادة من مزايا الشركات المساهمة التي حددت في نظام الشركات السعودية، والتي على رأسها تداول الأسهم التي يمتلكونها في الشركات المساهمة المزمع إنشاؤها بيعًا وشراءً في سوق الأسهم السعودية؛ مما يؤثر إيجابيًا على النشاط الاقتصادي السعودي المحلي. وكذلك إيجاد قيمة عادلة لأسهم هذه الشركات؛ مما يسهل من عملية نقل وتوارث الحصص المملوكة في هذه الشركات.
4.فتح المزيد من الوظائف الإدارية والخدمية أمام كافةالمواطنين؛ مما يسهم في الحد من مشكلة البطالة.
5.تجهيز وتهيئة مؤسسات أرباب الطوائف لعهد العولمة وانفتاح الأسواق والتنافسية فيما بين مزودي الخدمات لحجاج الخارج مما يؤدي إلى رفع جودة الخدمات المقدمة إلى ضيوف الرحمن وخفض أسعار الخدمات بالنسبة للحجاج.
ختامًا..
في اعتقادي أن مؤسسات أرباب الطوائف بتحويلها إلى شركات مساهمة سوف تنتقل إلى وضع اقتصادي وقانوني وإداري أفضل مما هي عليه الآن؛ خاصة عند تطبيق مفهوم الفصل بين الإدارة والملكية بما يسهم في استقطاب أفضل الكفاءات البشرية المطلوبة للتطوير ولاستمرار أي منظومة اقتصادية.