أحيانًا قد يدفعنا الحب أو الكره إلى اتخاذ مواقف أو آراء معينة تجاه ما يدور حولنا، سواء كان هذا الأمر يؤثر في حياتنا بشكل سلبي أو إيجابي، المهم هو أنّ بعضنا يميل دومًا إلى تفضيل المعلومات التي تؤيد معتقداته، وفي نفس الوقت يرفض كلما خالفها دون سبب وجيه، حتى تصبح جزءًا من شخصيته.
لذلك نجده دومًا من يحاول أنْ يفرض رأيه على الآخرين دون وجه حق، ويتبنّى كل رأي يتماهى مع أدبياته، و مهما حاول العقلاء ثنيه عنها، فإنّه لا يتزحزح قيد أنملة، إلا إذا كان له فيها مصلحة شخصية وهذا يسمى (بالانحياز التأكيدي).
أحبتي:
لقد ردج الحال في بعض مجالسنا الاجتماعية تبنّي أفكار تخالف العقل دون إدراك لخطورتها أو أثرها المستقبلي على الجيل، ومنها التشجيع الرياضي؛ حيث لا يخلو بيت في حياتنا إلا ولــكرة القدم منه نصيب موفور؛ حتى أصبحنا لا ننفكّ عن أخبارها أو تحليلاتها ساير أيامنا.
فمن متعصبٍ للمتصدّر، إلى آخر يبكي على أطلال أمجاده، ناهيك عمن يتوجّـد أسفًا على البطولات التي لم يحققها فريقه العام الماضي، بالإضافة لمن قاطع إخوته أو أصدقاءه المخالفين له في الميول.
حقيقةً إنّ التشجيع الرياضي عندنا أصبح من أسوأ الممارسات التي تؤثر على علاقاتنا الاجتماعية، فضلًا عن سلوكيات أبنائنا في البيت والمدرسة .. ترى ما السبب؟
إنّ أهم الأسباب التي دعت لمثل تلك السلوكيات هي أنّ القيادات الرياضية سواء في الهيئة أو الأندية من إدارة ولاعبين، لهم النصيب الأوفر في تفشّي مثل هذه الظاهرة اجتماعيًا؛ حيث أحيوا العصبية والحزبية والشــللية عن طريق وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فلم يراعِ في ذلك ذوقًا عامًا أو صورة وطنية.
لذلك عززت الكثير من القنوات تلك السجالات والمهاترات في الوسط الرياضي بشكل مستمر، من أجل كسب عدد المتابعين، ناهيك عن بعض المشاهير في السوشال ميديا ممن جعل منصّته الاجتماعية لتوافه الأمور، كــــمن يحلف أنْ يحلق شنبه أو يقطع المسافة مشيًا على الأقدام من مدينة لأخرى، أو يذبح بعيرًا على عتبات نادية، أو يطلي وجهه بلون فريقه متى فاز أو انهزم خصمه أمام الفريق الآخر.
أحبتي:
إنّ الميول الرياضي ليس عيبًا، فهو ثقافة عالمية تُرصد لها الميزانيات، وتُـعدّ له الدول العدة لكي تستضيف فعالياتها، بل تحرص على المشاركة فيها سواء بالحضور أو بالرعاية عبر شركاتها، لما في ذلك من تلاقي حضاري وفكري واجتماعي بين الأمم، فضلًا عن النواحي الاقتصادية والسياسية التي تكتسبها من خلالها.
ولكن المشكلة تكمن فيمن يحوّل الرياضة إلى ميدان خصب لنشر الكراهية أو دعوة للتنمّر عبر التصريحات التي يطلقها بين الفينة والأخرى.
نعم إنّ لدى البعض نقصًا في الوعي بأهمية الرياضة ودورها الاجتماعي في البناء الفكري الذي ينعكس على الأفراد والوطن، فتجد كل كلمة تخرج من فمه لا يضع نصب أمامها القيم والمبادئ والأخلاق، بل يسعى لإثبات رأيه بكل السبل، حتى ولو كان على حساب كرامته كالممارسات السابقة التي ذكرناها.
لذا أرى أنْ يعيد رئيس هيئة الرياضة النظر في كثير من التصريحات التي يطلقها مسؤولو الأندية عبر وسائل الإعلام؛ حيث تحمل في طيّاتها الكثير من العفن الذي يؤثّـر بالسلبية على أبناء المجتمع، بل أطالب بإقصاء كل من يحاول أنْ يبث سموم آراءه عبر أي وسيلة من أجل أنْ يكون عبرة للمتخـلّــفين الذين يسيطرون على الحقل الرياضي بعصبيتهم المنتنة.
ولا مانع أنْ تُصدر النيابة العامة بيانًا بالعقوبة لمن يحاول إثارة الرأي العام بأفكاره عبر أي وسيلة تسبب خلالًا اجتماعيًا يقود للكراهية أو يزعزع الأمن الفكري أو يساهم في تشويه سمعت البلد بتصريحاته التي تخالف قيمنا.
همسة :
الرياضة فن، وذوق، وأخلاق.