أسامة زيتوني

الإعلام الرياضي وإخفاق المنتخب

كثيرون من تحدثوا عن المستوى المتواضع الذي ظهر به منتخبنا الوطني في مباراته الأخيرة، وذكروا أسباب ذلك المستوى، فالبعض وضع اللوم على المدرب وعلى الجهاز الفني، والبعض الآخر قال إن الجهاز الإداري هو من يتحمل المسؤولية، وآخرون حملوا المسؤولية لللاعبين أنفسهم، وانخفاض مستوياتهم الفنية، وضعف الروح المعنوية لديهم.

في اعتقادي الشخصي أن كل هذه الأسباب صحيحة، ولكنها ليست السبب المباشر في هذا المستوى المتذبذب الذي يجتاح المنتخب منذ سنوات وليس الآن فقط، فما هي إلا عوامل مساعدة ساهمت في ذلك.

أما السبب الحقيقي من وجهة نظري فهو الإعلام الرياضي والبرامج الرياضية التحليلية التي ساهمت في بث الأحقاد بين لاعبي الأندية، وقد يعتقد البعض أني أبالغ في الاعتقاد، ولكنها الحقيقة، حيث إن تلك البرامج وعلى مدى سنوات تستقطب النقاد والمحللين اللذين في معظم الأحيان يتحيزون للاعبي الأندية التي يفضلونها، ولا يخفون ميولهم؛ خاصة مع إتاحة الفرصة لهم من قبل معدي تلك البرامج للنقاش بدون قيود ولا حدود تحت شعار حرية التعبير، وقد يصل الأمر في كثير من الأحيان إلى التلاسن والتراشق والشتم للأندية الأخرى كلًا من أجل النادي الذي يشجعه، حتى انتقلت حمى تلك الأحقاد إلى جماهير الأندية وإداراتها ولاعبيها، فأصبح لاعبو الأندية السعودية يلتقون في الملاعب؛ وكأنهم أعداء مما انعكس على أدائهم في المنتخبات، وعلى وطنيتهم وحماسهم فأصبح ولاؤهم لأنديتهم يطغى على ولائهم للمنتخب متجاهلين بذلك أهمية الشعار الذي يحملونه والوطن الذي يمثلونه.

وحقيقة أنا لست ناقدًا رياضيًا ولم يسبق لي الكتابة في المجال الرياضي، فقط الدافع الوطني هو الذي دفعني للحديث عن هذا الموضوع، فالمنتخب السعودي تسيد الكرة الخليجية والعربية، بل والآسيوية لسنوات ليست بالقليله في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية، واستطاع خلالها أن يكون الممثل الوحيد للكرة الخليجية في المونديالات العالمية.

ولا أعتقد بأن المستوى الفني للمنتخب في الفترات السابقة كان أفضل من المستوى في الفترة الحالية؛ خاصة مع تطور كرة القدم بشكل عام، ولكن الروح العالية وقوة الانتماء والحماس الذي كان يتمتع به لاعبو تلك الحقبة هي التي ساهمت في تسيّد الكرة السعودية واستحواذها على البطولات في آسيا لسنوات.
فأتمنى من الزملاء النقاد والمحللين الرياضيين والإعلاميين، أن يتجردوا من أهوائهم وميولهم، وأن يدركوا خطورة ذلك على منتخب بلادهم، وأن لا يكونوا مجرد أدوات لبث الأحقاد والضغائن بين الجماهير واللاعبين، في الوقت الذي يجب أن يكونوا قدوة لغيرهم، وعلى قدر المسؤولية التي يحملونها.

ونحن على يقين تام وأمل كبير في الله سبحانه وتعالى ثم في إعلامنا الرياضي والقائمين عليه، والنقاد والمحللين والإعلاميين الذين يتحملون دورًا كبيرًا ومهمًا في ذلك، فيجب أن يعوا ويدركوا عظم المسؤولية الجسيمة، وأن تعزيز روح الانتماء للوطن لن يكون إلا من خلال البعد عن التعصب الأعمى للأندية، فهم القدوة لغيرهم، والمفترض أن يكونوا على قدر كبير من الثقافة، والذكاء، والفطنة.

وكذلك في الإدارة الواعية في المنتخب التي ستعمل على تصحيح كل ذلك بدءًا من الأندية، والبحث عن مواطن الخلل الحقيقية، وشحذ همم اللاعبين ورفع الروح المعنوية والوطنيه لديهم، واختيار الأكفاء منهم والمؤهلين لحمل هذا الشعار الغالي، وبغض النظر عن الأندية التي يلعبون لها.

Related Articles

2 Comments

  1. سوف يستمر الإخفاق ولن نتجاوزه طالما أن الاتحاد السعودي يدار بعيون الأندية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button