في كل ثقافات الامم والشعوب تحدد يوماً ليكون لها فيه رمزية خاصة وتجعل منه انطلاقة وجذوة وقود تلهب فيها شعوبها نحو منطلقات مستقبلية ترى فيها الغد المشرق , ولذا نسمع بيوم الجلاء ويوم الاستقلال ويوم النصر , وبما في تلك الايام وما سبقها من ماضٍ مولم ومظلم الا ان تلك الدول تحاول ان تتجاوز مأسي الماضي لتنطلق من يومها الوطني نحو فضاءات الغد بآمال واعدة نحو المستقبل لتحفل به الاجيال , ونحن في المملكة العربية السعودية معنيون اكثر من غيرنا بهذا التوجه لان يومنا الوطني هو يوم توحيد الكلمة والصف ورفع راية الاسلام وتطبيق شرع الله بمبادئه السمحة ووقوف الجميع على قدم المساوة وهذه المبادئ والقيم جديرة بان تُحيا وتستلهم لان فيها تحقيقا لذات الانسان ونصرة للحق واشاعة للخير , وفي الحقيقة اننا نعيش اليوم الوطني منذ اللحظات الاولى لتوحيد هذا الكيان العظيم وما رمزيته الا الهاماً لجهود المؤسس طيب الله ثراه , ومن هنا يتخذ التوقيت الزمني لليوم الوطني بعداً اخر لنستلهم فيه ذكرى يوم توحيد البلاد تحت هذا الاسم (المملكة العربية السعودية), وهذه المحطة الوامضة تتجلى فيها الصور المشرقة للماضي العظيم الذي وحد هذا الكيان بعد شتات وفرقة وانقسام , وحتى نظل على نفس الوتيرة وبتوثب دائم كان لابد ان نستحضر ذلك اليوم العظيم باعتبار ان الوطن شكل ملاحم وبطولات خالدة في مجال التوحيد وما تلا ذلك من معارك للبناء والنماء .
ان مناسبة اليوم الوطني هي ذكرى عطرة نستلهم فيها تلك المحطات الوامضة في جنبات التاريخ المشرق لهذا الكيان والتي تشكل مكتسبات ومثمنات يجب الحفاظ عليها وذلك ليس بالنظر الى البعد الجغرافي بمادياته المختلفة وان كانت هي من جهود مضنية وكبيرة ومنجزات سال على اثرها عرق الجبين وكلت منها سواعد الانسان السعودي طوال عقود مضت , بل وحتى بالنظر الى البعد الديني كون المملكة تحتضن الحرمين الشريفين فهي مهوى افئدة المسلمين فالقيام على رعايتها يضاعف من المسئولية , ولذا نستهلم عطاءات وجهود الماضي من خلال هذا اليوم المجيد لان المكان ببعده الديني غدا مثابة للناس وحتى يتحقق لهم ذلك البعد الروحاني والطمأنينة لابد من القيام على تلك الأمكنة خير قيام فالمملكة قبلة المسلمين فعندما نستلهم هذا الجانب حين كان التوجيه الالهي لسيدنا ابراهيم علية السلام الذي نادي به وطال كل اصقاع الدنيا وفجاج الارض (واذن في الناس) لتتهادي من فجر التاريخ دون انقطاع بقلوب مفعمة بالحب والايمان نحو بيت الله العتيق , فقد اولا الله سيدنا ابراهيم الخليل واسماعيل طهارة البيت ليكون سنة لمن بعدهما ( وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) ومن هنا شكل هذا الكيان ومجتمعة البعد الاستراتيجي للامتين العربية والاسلامية ولذا انتهز هذه الفرصة للوقوف على اطلالة من هذا التاريخ المشرق لدعوة الاعلاميين وكتاب الراي ان يتناولوا قراءة الاحداث وتوظيفها حسب سياقاتها لتصل رسالة اليوم الوطني كما ينبغي ولتكون بمثابة النبرأس للأجيال القادمة ورسالة الى العالم عن بلد الامن والسلام كون الشواهد والاحداث التاريخية تفيض بالمعاني والدلالات , ولها تفاصيل تختلف عن أي بلد اخر , الامر الذي يتطلب منا تفعيل ذلك الثراء الكامن من تاريخ عريق وطويل وجغرافيا تتطور كل يوم حتي اصبحت السعودية في الواجهة العالمية بصبغتها السياسية والاقتصادية والتي يتحتم حضورها في كل الاروقة الاممية لتسهم في هذا العالم بثمرة جهد القائد المؤسس طيب الله ثراه.. والى لقاء
0