ونحن نحتفل باليوم الوطني الذي وحّد فيه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ يرحمه الله ـ أرجاء الجزيرة العربية، وبسط الأمن والأمان على ربوعها، علينا أن نتوقف قليلًا لنقرأ ما دونه المؤرخون، وسجله الرحالة عن الجزيرة العربية ومعاناة سكانها بين الجوع والعطش، وغياب الأمن والأمان، وتسلسل قطاع الطرق لسلب ونهب الحجاج وقتلهم.
وقبل أن نتحدث عما نحن فيه اليوم من رغد العيش ونعيم الحياة وتوفر الخدمات، فعلينا أن نتذكر كيف كان آباؤنا وأجدادنا من قبل، وكيف كانت معاناتهم، وهي معاناة نقلها الرحالة العرب والمسلمون، كما نقلها المستشرقون الذين توافدوا على منطقة الحرمين الشريفين قبل قيام الدولة السعودية، ونقلوا عبر رحلاتهم المواقف والأحداث التي واجهتهم.
وقبل التطرق للأمن المفقود قبل قيام الدولة السعودية، نتوقف أمام أسباب إصرار المستشرقين على دخول مكة المكرمة ـ آنذاك ـ سواء كانوا متخفين بصفة حجاج يرغبون أداء فريضة الحج، أو جواسيس هدفهم البحث عن سلبيات الحج ورصدها، وتدوين ما يؤديه الحجاج من شعائر ولقاءاتهم واجتماعاتهم وصلواتهم، ونقلها للمستعمرين.
أو كان هدفهم التنافس للوصول إلى الأفضل كما حدث بين كروخرز المخرج الهولندي، الذي جاء مع حجاج قادمين من الجزر الإندونيسية، عام 1928 ولم يكن هدفه الحج بل تصوير مشاهد الحج تصويرًا تليفزيونيًا، في صور متحركة، ليكون بذلك أول من يكسب هذا السبق الإعلامي، بعد أن كسب زميله الهولندي كريستيان سنوك هورخرونية التقاط أول صور لمكة المكرمة عام 1885.
ونجح كروخرز في الدخول إلى مكة المكرمة مع حجاج إندونيسيا في ملابس الإحرام على أنه مسلم، لكنه لم يكن كذلك، ووفقًا لبعض المراجع التي اطلعت عليها فإنه “قام بالتصوير أحيانًا في سرية عن طريق كاميرا وضعها في جراب صممه خصيصًا بثقب للعدسة يمكن حمله على الكتف من دون أن يلاحظه أحد”، وسمي فيلمه «عيد مكة الكبير»، مقتبسًا عنوان رسالة سنوك التي قدمها لنيل درجة الدكتوراه في لايدن، والتي كانت تحت عنوان “عيد مكة”.
ونجح كروخرز في الدخول إلى مكة المكرمة مع حجاج إندونيسيا في ملابس الإحرام على أنه مسلم، لكنه لم يكن كذلك، ووفقًا لبعض المراجع التي اطلعت عليها فإنه “قام بالتصوير أحيانًا في سرية عن طريق كاميرا وضعها في جراب صممه خصيصًا بثقب للعدسة يمكن حمله على الكتف من دون أن يلاحظه أحد”، وسمي فيلمه «عيد مكة الكبير»، مقتبسًا عنوان رسالة سنوك التي قدمها لنيل درجة الدكتوراه في لايدن، والتي كانت تحت عنوان “عيد مكة”.
وإن نجح كروخرز في الدخول إلى مكة المكرمة مع حجاج إندونيسيا، وصور رحلة الحج، وخرج بعمل إعلامي، فإن الرحالة الإيطالي لودفيكو دي فارتيما، أول أوروبي يزور مكة المكرمة ومناطق الحج، عام 1503م، وأطلق على نفسه اسم “الحاج يونس”، فقد حددت مهمته بمكة المكرمة في جمع المعلومات عن الأحوال الداخلية في البلاد الإسلامية، ودراسة النظم الاجتماعية والاقتصادية بها، لتسهيل الانقضاض عليها.
وقال الدكتور حاتم الطحاوي أستاذ التاريخ في جامعة الزقازيق بمصر، عن فارتميا أنه استطاع “رشوة القائد المملوكي لقافلة الحج المتجهة من دمشق إلى بلاد الحجاز، ومنحه القائد حصانًا كما سمح له بأن يرتدي لباس المماليك المرافقين لرحلة الحج الشامية التي اتخذت طريقها جنوبًا لتعبر الصحراء حتى تصل أولًا إلى المدينة المنورة؛ حيث وصف دي فارتيما مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقبره قبل أن يغادرها مع قافلته متجهًا إلى مكة المكرمة.
وتعجب فارتيما من أعداد وجنسيات المسلمين الذين وصلوا للحج من الشام ومصر وكذلك من إثيوبيا وبلاد فارس، وكثرتهم لدرجة أنه قال: “الحق أقول لكم إنني لم أرَ أبدًا تجمعًا هائلًا احتشد في مكان واحد كما رأيت في مكة”.
أما جوزيف بيتس المستشرق الإنجليزي الذي عرف بــ«الحاج يوسف» ويعتبر أول إنجليزي يزور مكة المكرمة، حيث وصلها في (أبريل – يونيو 1503)، كواحد من المرافقين للمماليك في قافلة الحج، فقد تميز أسلوبه في الكتابة بالسرد اليومي، وتناول الكثير من دقائق الأمور، وظهر ذلك في وصفه لرحلته إلى المدينة المنورة، التي قال إنه توجه ومن معه إلى المدينة المنورة، حيث استأجروا جمالًا، وسارت القافلة لمدة عشرة أيام حتى وصلت إلى المدينة النبوية، وبين ما عاشوه خلال الأيام العشر من صعوبة الرحلة، والخوف من اللصوص وقطاع الطرق، وما إلى ذلك من مصاعب ومخاطر.
أما جوزيف بيتس المستشرق الإنجليزي الذي عرف بــ«الحاج يوسف» ويعتبر أول إنجليزي يزور مكة المكرمة، حيث وصلها في (أبريل – يونيو 1503)، كواحد من المرافقين للمماليك في قافلة الحج، فقد تميز أسلوبه في الكتابة بالسرد اليومي، وتناول الكثير من دقائق الأمور، وظهر ذلك في وصفه لرحلته إلى المدينة المنورة، التي قال إنه توجه ومن معه إلى المدينة المنورة، حيث استأجروا جمالًا، وسارت القافلة لمدة عشرة أيام حتى وصلت إلى المدينة النبوية، وبين ما عاشوه خلال الأيام العشر من صعوبة الرحلة، والخوف من اللصوص وقطاع الطرق، وما إلى ذلك من مصاعب ومخاطر.
تلك كانت أبرز الصور التي عاشتها الجزيرة العربية عامة، ورحلة الحج إلى البيت الحرام، وبعد أن توحدت الأرجاء وأعلن قيام المملكة العربية السعودية على يد القائد المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ يرحمه الله ـ، ساد الأمن والأمان، وبات الحاج في مأمن وسعادة، وهذا ما أوضحه أمير البيان شكيب أرسلان في كتابه الموسوم بــ “الارتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف”، الذي تناول فيه رحلته لأداء فريضة الحج عام 1347هـ / 1929، منطلقًا من لوزان بسويسرا، وكانت مخيلته مليئة بأحداث مؤلمة ومواقف مؤسفة، وحينما قدم وجد الأمن قد انبسط، والأمان قد انتشر، وظهر العدل والإنصاف، فنقل الكثير من الحقائق الغائبة، وتناول الحديث عن الحج من كافة جوانبه وصفًا وتعليقًا، كما تناول العاملين في خدمات الحجاج.
وصورت الليدي إفلن التي عرفت بعد إسلامها بـ«زينب»، في كتابها «إسلام نبيلة إنجليزية وحجها إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة»، ترجمة وتحقيق عمر أبوالنصر، المكتبة الأهلية، بيروت، (1353هـ – 1934م)، رحلتها للحج، والتي قررت في عام 1933، وهي في السادسة والستين من عمرها، القيام برحلة الحج إلى بيت الله الحرام، فالتقت بسفير الملك عبدالعزيز – رحمه الله – الشيخ حافظ وهبة – رحمه الله -، وطلبت منه أن يستأذن لها جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – بالقدوم إلى أرض المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، فصدرت موافقة الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ على طلبها، وغادرت إلى القاهرة لتبدأ رحلتها إلى جدة.
وحينما رست السفينة بميناء جدة يوم 26/2/1933، وشاهدت الليدي إفلن علم المملكة العربية السعودية شعرت بالراحة والأمان، وصورت ذلك بقولها «إنه نقشت على رايته كلمة: لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وقالت: شعرت حينها أني في البلاد العربية حقًا، وأنني تحت راية ابن سعود.
وبعد وصولها إلى مكة المكرمة حرصت على التجول بأحيائها وطرقها، فتعرفت على كثير من عادات المكيين وتقاليدهم، وتعرفت على مهام المطوفين وأعمالهم، وأعجبت بأعمالهم ومواقفهم، وتحدثت عن قدرات المطوفين وتمكنهم من اللغات المختلفة للتحدث مع الحجاج القادمين من مختلف بقاع الدنيا، ومشاهدتها لبعض المطوفين وهم يساعدون حجاجًا تقطعت بهم السبل، وانتهى ما لديهم من مال فقام المطوفون بمساعدتهم ودفعوا لهم نفقات عودتهم إلى بلادهم.
وبعد وصولها إلى مكة المكرمة حرصت على التجول بأحيائها وطرقها، فتعرفت على كثير من عادات المكيين وتقاليدهم، وتعرفت على مهام المطوفين وأعمالهم، وأعجبت بأعمالهم ومواقفهم، وتحدثت عن قدرات المطوفين وتمكنهم من اللغات المختلفة للتحدث مع الحجاج القادمين من مختلف بقاع الدنيا، ومشاهدتها لبعض المطوفين وهم يساعدون حجاجًا تقطعت بهم السبل، وانتهى ما لديهم من مال فقام المطوفون بمساعدتهم ودفعوا لهم نفقات عودتهم إلى بلادهم.
وتستطرد إفلن كوبولد قائلة: إن الزمن لن يمحو من ذهني وذاكرتي المشاهد التي رأيتها في مكة والمدينة، وما وقعت عليه من قوة الإيمان، وجمال الإخلاص، وحب الخير للناس والأعداء على السواء، وهي أمور كنت أحس بها، وأنا في البلاد المقدسة، ثم ما توفر لي من شرف زيارة قبر الرسول، ومسجده الشريف، وحرم الله المكرم، وكعبته الطاهرة، وقيامي بكل واجبات الحج.
تلك كانت صورًا واقعية عن رحلة الحج، وقد حملت الكثير من المعاناة التي عاشها الحجاج، قبل قيام الدولة السعودية، والراحة والاطمئنان مع قيام الدولة السعودية، فاللهم أدم علينا الأمن والأمان، والراحة والاطمئنان.
تلك كانت صورًا واقعية عن رحلة الحج، وقد حملت الكثير من المعاناة التي عاشها الحجاج، قبل قيام الدولة السعودية، والراحة والاطمئنان مع قيام الدولة السعودية، فاللهم أدم علينا الأمن والأمان، والراحة والاطمئنان.