لم يداعب ويلامس مشاعري تجاه الوطن أكثر من تلك الأبيات الشعرية التي صاغها الأديب الراحل مصطفى صادق الرفاعي:
بلادي هواها في لساني وفي دمي
يمجِّدها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خير فيمن لا يحب بلاده
ولا في حليف الحب إن لم يُتيّمِ
ودائما اتذكّر عندما كنّا طالبات في بداية مراحلنا الدراسية، كنا نستيقظ من نومنا متحمِّسات وفرحات نتسارع لنقف في الطابور الصباحي المدرسي لنفرح ونسعد ونحن ننشد مع باقي الطالبات النشيد الوطني، وبكل براءة وبهجة وفرح وسعادة نتبادل الابتسامات والنظرات، ونتحدى بعضنا من منّا صوتها الأجمل والأعلى..
فلم يكن يعني لنا هذا النشيد أكثرمن أهزوجة نردِّدها مع صديقاتنا بصوتٍ عالٍ حتى نبدأ يومنا الدراسي بالضّحك والمرح والنشاط.
واستمر معنا هذا النشيد، نشدوا به طيلة مراحل حياتنا الدراسية، حتى بلغنا سنَّ الرشد، فتوسعت مداركنا، وتمخّضت عقولنا، وتبلورت أفكارنا، فتحوّلت تلك الأهزوجة لسمفونية وطن، نردِّدها بأعذب الألحان، وأجل الكلمات، حتى أصبح ذلك النشيد الوطني بمثابة تعريف لهويتنا الوطنية، وتميزا لنا عن باقي أقراننا من الطالبات في باقي الدول العربية والخليجية، فتتجلجل أصواتنا بكلماته ولحنه في ساحات المدرسة فخرًا وعزًا وشموخًا بهذا الوطن..
الوطن الذي ترعرعنا تحت سمائه، ومشينا فوق ترابه، وارتوينا من فرات مائه، ذلك المكان الذييذكرنا بمراتع الصبا، وبهجةالطفولة ، ومهما سافرنا وابتعدنا يظل الوطن جزءًا من كياننا، وتبقى ملامحنا جزءًا من الوطن..
الوطن الذي ميّزه الله وشرّفه عن باقي الأوطان بوجود الحرمين الشريفين، حيث جعل فيه أطهر بقعة على وجه الأرض وهي “الكعبة المشرفة”؛ قبلة المسلمين وواجهتهم، ونقطة جذبهم من كل حدبٍ وصوب، ولعلنا نذكر أوّل زيارة للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، وكانت ترافقه زوجته السيدة الأمريكية الأولى “ميلانيا”، للرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، في شهر مايو لعام 2017م، وتحديدًا عند تجولهما مع الملك سلمان في معرض الفن السعودي المعاصر، حيث أثارت انتباههما لوحة معبّرة عن الحرم المكي والكعبة، واستغرقا وقتًا طويلاً في تأمُّلها ، فجملة أسئلة أخذت تدور في بالهما حول تلك اللوحة، وبكل فخر وعزّة أخذ الملك سلمان يشرح ويحاورهما عن تلك اللوحة المشرفة، ولم يكن وجود تلك اللوحة في ذلك المكان وفي هذا الوقت سوى بؤرة لمكانتها وعبقها الطّاهر، الذي فاح، فستظلّ قلوبنا تنبض، وأرواحنا تهمس، وعقولنا تردِّد:
سارعي للمجد والعلياء..
مجدِّي لخالق السّماء
وارفعي الخفّاق أخضر..
يحمل النُّور المسطّر
ردّدي الله أكبر يا موطني
موطني قد عشت فخر المسلمين
عاش الملك للعلم والوطن
فليحفظ الله ملكنا “سلمان”، ملك الحزم والعدل، رافعًا لعلمنا؛ علم العزّة والسّلام، مرفرفًا براية التوحيد، وحاميًا لأوطاننا من شرذمة الكارهين، ومكر الحاسدين، ودسائس الناقمين.