كارثة حريق محطة قطار الحرمين بجدة لن تتقادم بالعهد فستظل حديث المجتمع حاليا والأجيال مستقبلا طالما أنها استنزفت مليارات الريالات بسخاء من الدولة وأنها بنيت وفق مواصفات عالمية على الورق لكنها مع الأسف خرجت بمواصفات هشة تنفيذا على الأرض من قبل أكبر شركتين رست عليهما مناقصة المشروع هما شركتا ( سعودي أوجيه الفانية وبن لادن التي لازالت تصارع من أجل البقاء ) وهذا ليس تشهيرا بالشركتين اللتين أكلتا ميزانيات مليارية طيلة السنوات التي مرت لمشاريع كثيرة ومتنوعة بين الجودة واللا جودة بين التعثر وسوء التنفيذ ومن بينها هذا المشروع الذي فرحنا به لأهميته في النقل العام وتخفيف العبء على وسائل النقل العادية لنقل الحجاج والمعتمرين والزوار والمواطنين والمقيمين بين مكة والمدينة مرورا بمدينة جدة ورابغ الصناعية وباعتبار جدة الميناء الإسلامي الذي يستقبل ملايين ضيوف الرحمن عبر البحر الأحمر وعبر مطار الملك عبد العزيز الدولي قديمه وجديده الذي تشرف بافتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان له قبل أيام .
تحدث الكتاب والمذيعون والصحفيون وعامة الناس عن المحطة المحروقة التي احترقت قلوبنا بسبب ما حصل فعبّر الجميع في وسائل التواصل الاجتماعي والاعلامي بأنها نفذت بمليارين وتسعمائة مليون ريال وهو رقم غيرعادي عند الحريصين ولكنه عادي في عالم الفاسدين والمفسدين ما دام البعض يؤمن بمقولة “لكم عشرون ولنا عشرون ” وبالرجوع لأساسيات مشروع قطار الحرمين في بداياته قبل البدء في التنفيذ وقتها تحدث وزير النقل لإحدى الصحف السعودية ونشرت الصحيفة حديثه في منتصف ربيع الأول عام 1432هـ منتصف فبراير 2011م بعد أن وقع حينها ووزير المالية أربعة عقود لبناء محطات الركاب مع إئتلافي الشركتين المذكورتين أعلاه بقيمة تبلغ : ( 9.385.554.311) ريال ينطح ريال وهنا بدأ يفصّل الوزير والحديث له بأن هذه المحطات ستبنى وفق أعلى المقاييس والمعايير المتبعة دوليا وبمواصفات عالية الجودة في كل من مكة وجدة والمدينة ومحطة تخدم مدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ وبين معاليه أن هذه المحطات الأربع ستدخل الخدمة خلال سنتين ونصف ومع مرور الزمن وتأخر التنفيذ بعد أن دخل دهاليز التجاذبات فقد تعطل تشغيله عن الموعد الذي صرح به الوزير لقرابة خمس سنوات ويا ليته ما اشتغل قبل أن يكتمل بعد أن اتضح أنه حشف وسوء كيل ولكن قدر الله وما شاء فعل وبالرجوع لحديث الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية وقتها أبان بأن محطة جدة بلغت قيمة عقدها (2,900,000000 ) ريال وأكبر منها محطة مكة المكرمة بمبلغ ( 3,178,231,542) ريال فيما جاءت محطتي المدينة بقيمة ( 1,557,322,769) ريال ورابغ بمبلغ (1,750,000000 ) بمعنى توضيحي أن محطتي مكة والمدينة تم تنفيذهما بواسطة إئتلافي بن لادن فيما تم تنفيذ محطتي جدة ورابغ عن طريق سعودي أوجيه التي خرجت عن الخدمة ولم يبق لها سوى عار وشنار سوء التنفيذ تلك الشركة سيئة السمعة والذكر التي أكلت رواتب موظفيها مدة عام تقريبا وحقوقهم بشكل عام حتى تأريخه .
التصاميم الهندسية بحسب المسؤول عن الهيئة العامة المعنية قال أنه تم إعداد المحطات من قبل شركة ( فوستر وشركاؤها ) معتبرا أنها من أرقى بيوت التصاميم في مجال بناء المحطات والقطارات على مستوى العالم وأن المؤسسة راعت الجودة ولكن للأسف لم يحدد نوع الجودة إلا أنه اهتم وقتها بجماليات التنفيذ من حيث المظهر الخارجي والداخلي دون توضيح المواد التي ستنفذ بها وكان يجب أن يوضح كيف سيينفذ المشروع المحترق بجدة ووصيفه في رابغ ومحطتي مكة والمدينة التي كان يجب أن تنفذ بمواد ضد الحريق مصنوعة مثلاً من الخرسانة المسلحة بالألياف الزجاجية الخفيفة التي بدأ العمل بها من قبل سبعة عقود في روسيا حسب الويكيديا للتعريف بها ومراحل تطويرها المقاومة للتآكل عازلة للحرارة والصوت تتسم بمقاومتها العالية للحريق وتسريب المياه والمقاومة أيضا للظروف الجوية الخارجية من حرارة ورطوبة وخاصة الأجواء البحرية كما هي محطتي جدة ورابغ لا لبنائها بمواد عادية من مادة ” الكلايدينج ” التي تتزين بها واجهة الدكاكين والمحلات التجارية وبعض واجهات المباني وأتذكر أن دراسة سابقة تلاها قرارات مع وقف التنفيذ بمنع الكسية بهذه المواد التي ثبتت عدم صلاحيتها لأنها قابلة للاشتعال وكما رأينا محطة جدة التي تحولت لمواد سائلة لقرابة عشرين ساعة ذابت في مساحة المكان بأكمله الذي تحول لما يشبه بصينية قلي بالزيت ولوث دخانها فضاء العروس .
طبعا كل ما حصل وما سبق كوم وتصريح الرئيس التنفيذي ل ( سار ) الشركة السعودية للخطوط الحديدية عندما سأله مذيع قناة mbc عن أنظمة السلامة بحسب الصور التي بينت التهام الحريق للمحطة بالكامل ولم يسلم منها أي جانب حيث قال : أن المعلومة ليست دقيقة وأن الذي تأثر فيها السقف فقط !! أما بقية الأضرار فقدّرها بالمتوسطة والأقل وأرجأها بهتانا وزوراً لأنظمة الحريق في المحطة قائلا : أنها عملت بشكل فعال وفق ما صممت ونفذت عليه ونفى نفيا قاطعا تأثر ما تحت السقف إلا بصورة اعتبرها معقولة وكرر عبارة ( هذا ما صممت عليه المحطة ) وكرر القول بأن أنظمة الحريق عملت بصورة جيدة !!! هكذا كانت وجهة نظره أما من وجهة نظري ونظر الكثير ففي تصريحه استخفاف بالعقول ومحاولة لطمس الحقائق الدامغة أمام المشاهدين لآثار الحريق إذ أن المثل يقول ” الموية تكذب الغطاس ” وفي هذا المقام نتائج الحريق جابت للجميع الوسواس ووجع الرأس !
ليس من حقنا هنا محاسبة أي طرف ولكن من حقنا نسأل ونتابع هل ستمر هذه التصريحات من عام 32-41 هـ دون مساءلة المعنيين بها وعن الجودة التي ذكرها المسؤولون وعن آلية تنفيذ هذه المحطات الأربع سواء نفذها الإئتلاف بين الشركتين الكبيرتين أو نفذت من الباطن كغيرها من المشروعات التي كبُرت بسببها المؤسسات الصغرى والوسطى حتى تحولت لشركات بين عشية وضحاها وعثرت ودمرت مشاريع كان يفترض أن تكون وفقا للمواصفات ومدة التنفيذ التي وقع عليها المقاول الأصلي لا مقاولو الباطن وأن تكون قد دخلت الخدمة في وقتها المتفق عليه بين الجهة الرسمية والجهة المنفذة دون مجاملة أو تمديد أو تجاوز عن الجزاءات المادية .
نقطة نظام :
نرجو من الجهات الرقابية التأكد من مواصفات وجودة تنفيذ المحطات الثلاث الأخرى ولا ننسى المشروع الجديد لمطار الملك عبد العزيز حتى لا تتكرر الكارثة فمن لدغه الثعبان سيخاف حتماً من الحبل والله من وراء القصد .