لقد رفعَ الله تعالى مكانةَ العلم وأهلَه، وعظَّم منزلتَهم وأعلَى شأنَهم، فقال – عزَّ مِن قائل -: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: 11]، وبيَّن -سبحانه- أن العالِمَ والجاهِلَ لا يستوُون، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر: 9].فعن نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم في معرض تخير زوجاته وسؤاله لأم المؤمنين عائشة رضي الله وعنها ورده قال: “لا تسألُنِي امرأةٌ مِنهنَّ إلا أخبَرتُها، إن الله لم يبعَثني مُعنِّتًا ولا مُتعنِّتًا، ولكن بعَثَني مُعلِّمًا مُيسِّرًا“. ولنعلَم -معاشِر المُربِّين والمُربِّيَات- أن للقُدوة آثارًا جلِيلةً في نُفوسِ المُتعلِّمين، وكلما كان المُعلِّمُ مُتأسِّيًا بنبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، وقُدوةً حسنةً في الخَير، كان أعظمَ أثَرًا في تلاميذِه. أحبتي المعلمين والمعلمات فإن المُربِّيَ الناجِحَ هو الذي يُوظِّفُ جميعَ الطاقات، فيُربِّي الأبناءَ والبناتِ على تحمُّل الأعباء والقِيام بالمسؤوليَّات، ويبُثُّ فيهم رُوحَ المُشارَكة والعطاء، والتشييد والبِناء؛ ليكُونُوا لبِنةً صالِحةً في أوطانِهم، فليس هناك فِئةٌ مُهمَلَةٌ في المُجتمعات المُسلِمة، حتى الضُّعفاءُ والمساكِينُ بِهم تُنصَرُ الأمة. فمسؤوليَّتُكم -أيها المُعلِّمُون والمُعلِّمات- عظيمة، والأمانةُ المُلقاةُ عليكُم جلِيلَة. فكُونُوا مصابِيحَ هُدى تستَنِيرُ بها عُقُولُ تلامِيذِكم، وازرَعُوا فِيهم حُبَّ دينِهم وأوطانِهم ووُلاةِ أمرِهم وعلمائِهم، وكُونُوا سدًّا مَنِيعًا أمامَ أسبابِ التطرُّف والغُلُوِّ، والمُرُونةِ والرُّعُونة، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: 143].
ولنعلم أحبتي ونعلم أبناءنا أن تقديرَ المُعلِّم له أثَرٌ عظيمٌ في نُفُوسِ التلامِيذ، فلنَغرِس في قُلُوبِ أبنائِنا تقديرَ المُعلِّم وإجلالَه، فالأدبُ مِفتاحُ العلمِ، ونحن إلى كثيرٍ مِن الأدَبِ أحوَجُ مِنَّا إلى كثيرٍ مِن العلمِ.
شكرًا لكل المعلمين والمعلمات في يومهم المجيد كتب الله أجركم ونفع بكم وبعلمكم الإسلام والمسلمين.