عبدالرزاق سليمان العوفي

من المسؤول يا وزارة التعليم؟!

في كل حدث يطرأ لابد من مسؤول أو مفرط أو سبب أدى لذلك الحدث. وفي كل خانة إن حدث فراغ أو إهمال أدى لجريان على غير المعتاد، وكل اتجاه ليس في الطريق الصحيح يصطدم بواقع أو بالكتلة الأعم أو يتضارب مع اتجاهات مختلفة فيحدث من المفاجآت مالا يتوقعه الأكثر عقلًا وتركيزًا.

مقتل اثنين من الطلاب داخل أروقة المدرسة لهو حدث يستدعي الوقوف والقراءة فالوفاة حينما تكون بذلك السبب تستدعي قراءة لصفحات كتبت بعيون الأطفال وأفعالهم لا بأقلام المنظرين والمتأملين.

نتفق جميعًا على تنوع سلوكيات الطلاب، وتنوع تربيتهم، وثقافتهم مع اختلاف المؤثرات التي تؤثر على انفعالاتهم، وما يدور في عقولهم.
وتعديلات تلك السلوكيات، وضبط الانفعالات دور تربوي يقوم به عدد من جهات المجتمع كالأسرة والمدرسة، وهو دور فعّال للمسجد كذلك.
وهذه الجهات لا تملك عصا سحرية تحول كل سلبية في المجتمع إلى إيجابية، لكنها تعمل وفق منظومة يفترض لها أنها تملك من المعطيات والأدوات ما يمكنها من تعديل الكثير من السلوكيات، وتقويمها، وتوجيه البقية مما لم يتعدل وتصويب اندفاعاته وتوجهاته للاستفادة من القوة والحماس، وصرفها فيما يفيد.
الحرية معوّل بناء .. إلا أن إطلاق عنانها، والسماح لها بالتحرك في كل مجال معول هدم فمن ملك الحرية المطلقة لن يسمح لمن يقوم طريقه ويعدل سلوكه ويصوب انفعالاته.
لم يحدث في السابق أي قصة قتل في مدارسنا فالطالب يشعر بمكانة المكان وشرف العاملين فيه، فالمعلم محل تقدير واحترام الطلاب أو محل خوف ورهبة وهيبة لمن تسوّل له نفسه تجاوز حدود الأنظمة.
المعلم في السابق هو الأب، والمربي، والناصح، والمستشار، والموجه، والمرشد. فكلمة من معلم أصدق عند الطالب وأوثق عروة يتبناها الطالب، ويتمسك بها.
لم يشعر الطالب بإهانة، بل كان فخورًا بمعلميه مكرمًا لهم ومقدرًا لعملهم، وعلمهم، وتربيتهم شاكرًا لهم كل ما يقدمونه من تضحيات. مستلهمًا أفكاره من حواراته معهم.
ذلك المعلم بتلك المكانة صنعت عقولًا ورجالًا يفخرون بأنفسهم … !
ليس من الجدير (يا معالي الوزارة) أن ننظر في قصص أطفال يقتلون في مدارسهم دون أن نقف عندها بالتأمل، وتتبع الهفوات …
حرية يتمتع بها طالب تربى على (فورت نايت) أو (ببجي) أو على الأفلام (البوليسية) وأفلام (الأكشن) تلك الحرية كفيلة أن تفتك بغيره من الطلاب … وتقضي على حياتهم بكل حرية.
فحرية مطلقة يملكها الطالب صاحب السلوك السلبي يوقف إيجابيات ونجاحات الطلاب أسوياء السلوك .. فمن المسؤول يا (معالي الوزارة).

الأهم والأجدر للطالب أن يقضي يومه الدراسي في بيئة لا تجلب له الملل و(ضيقة النفس) فمن حقه أن يعيش في مكان يتعلم في بيئة جاذبة، وفي مكان لائق … تحت رقابة مشددة لحماية الطلاب من بعضهم أولًا.

على أن الكوارث والمخاطر ليست القتل فقط فهناك ما هو أشد من القتل، وزيادة الحريات والانفتاح على تهيئة الأجواء بطريقة واحدة، وهي إبعاد الكوادر التعليمية، ومنعها عن معاقبة الطالب تخلق أرضًا خصبة لانتشار سلوكيات لا تليق بالأطفال .. وتصنع عنفًا لمن تولدت عنده بذرة العنف .. ويمكنها أن تقضي على من تربى في أسرته تربية هادئة …

هل أصبحت المدارس معتركًا صعبًا يخوضها الطالب فإن نجا من الموت لم ينج من سلوك أو انفعال أو عنف أو غيره.
وعلى ذلك لن يقبل أحد أن يضع طفله في بيئة يشك هل سيعود ابنه سليمًا أو متلبسًا بسلوك أو (مقتول).
هل ستتوقف تلك الأحداث ؟
أم هل ننتظر في صحفنا خبرًا جديدًا ؟
أم أن الأمر بسيط لا يحتمل ما يحكى عنه ويقال ؟
هل ستنام الأمهات كما نامت أمهاتنا في السابق .. أم سيسهرن على مواقع التواصل يبحثن عن الضحية القادمة.
لعل الكتّاب ينظرون بعدسات المجهر فيرون الأحداث الصغار كبارًا.. ولعل الأمر ليس أكثر من طفل قضى نحبه فمات.
(معالي الوزارة) الخطاب هنا ليس موجهًا لفرد بعينه فهو لكل مسؤول في الوزارة، مع شهادتي لهم جميعًا بالحرص، والاهتمام، والمتابعة الدقيقة، والعمل الدؤوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى