الثقافة العامة وعاء كبير يحتضن كل الأنساق الأدبية والفنية وكذا التراث والموروث الشعبي وبالتالي فكل أديب مثقف وليس بالضرورة أن يكون كل مثقف أديب لأن الإبداع قد ينحصر في أنساق أدبية معينة كالشعر والقصة بجميع أنواعها إلى جانب الرواية وقد وجدنا من القاصين والشعراء من كتب في الرواية والعكس قد يكون كذلك ومنهم من جمع بين أكثر من ذلك لأن هذه الأنساق تدور في فلك واحد وتحت مظلة الأدب العام ولدينا في المملكة العربية السعودية نماذج شقّت طريقها بقوة ووصلت للقراء من الجنسين وبعضها وصل للعالمية بقوة وجدارة بعد أن دخلوا المنافسة وتهيأت لهم الفرصة من خلال التثقيف الذاتي بالقراءة والإطلاع على الآداب الأخرى أو من خلال المثاقفة مع من سبقهم من جيل الرواد وهم كثر والحمد لله في بلادنا وأسماؤهم لامعة ومعروفة بعد احترافها للكتابة حول هذه الأنساق مجتمعة أو متفرقة وهنا لابد من الإشارة إلى أن الكثير ممن أبدعوا في مجالات الشعر والقصة بألوانها والرواية بعضهم ليسوا من المتخصصين في مجالات اللغة العربية ولا مجالات الدراسة الأدبية فبعضهم متخصص في التاريخ وآخر في اللغة الإنجليزية وآخرون في تخصصات مختلفة والبعض لم يكمل دراسته لظروف العمل لكنهم برعوا وأصبح يشار لهم بالبنان ويعتلون المنصات في الأندية الأدبية الثقافية والصالونات الثقافية وقدموا ما لديهم من إبداعات في المناسبات الرسمية وبالذات شعراء الفصيح ومثلهم الشعراء الشعبيون وبرع الفنانون والرسامون والمسرحيون تحت خيمة الفنون السبعة ولو عدت لتخصصاتهم لوجدت بعضهم من ليس له علاقة بما برع وأبدع فيه والأسماء كثر- ولعلي اكتفي هنا بثلاثة أمثلة لمبدعين هم زميلي الشاعر المبدع حسن الزهراني رئيس النادي الأدبي بالباحة كأكبر مثال على قوة شعره وحضوره الأدبي والزميل الشاعر الروائي المبدع علي المنكوتة الذي جمع بين الشعر والرواية ومن سأتحدث عنه في مقالتي هذه القاص المبدع عبد الله ساعد المالكي – وجميعهم بالممارسة وخوض التجربة والثقة بالنفس وصقل الموهبة والرغبة الشديدة في المساهمة وعدم الوقوف عند أول ولا ثاني عثرة بل واصلوا المسيرة حتى تحقق لهم ما يهدفون له وبلغوا ما بلغوا من شأن في الأوساط الأدبية والثقافية بوجه عام سواء داخل المملكة أو خارجها .
القاص عبد الله ساعد المالكي رجل صاحب خلق رفيع وعلاقات اجتماعية مميزة وصاحب تجربة شاقة في مجال الأدب باعتباره قاص كان لديه همّة وطموح لترجمة موهبته حتى أوصلته بأن دفع بأربع مجموعات قصصية للمكتبة العربية بين دفتيها قرابة سبعين قصة قصيرة ذات عناوين امتدت بين القرية والمدينة بمفردات جذابة بعيدة عن التعقيد اللغوي إتكأ بعضها على مخزونه التراثي والمدني وكانت بحسب معرفتي به والنقاش الحميمي معه نتاج قراءات في الروايات والقصص المترجمة وبالذات الروسية إلى جانب قراءاته في الكتب العربية لأدباء معروفين يعتبرهم مرجعه الأول في هذه الإبداعات القصصية حيث كان مولعا بقارءة الكتب المترجمة والعربية وبالذات ما يتعلق بالقصص واروايات بعد أن كان إبن القرية الذي كان محاصرا في قراءاته بين المقررات الدراسية في الدين والتاريخ وانطلق بأول مجموعة قصصية موسمة بعنوان (شيئا من تقاسيم وجهها ) من إصدارات أدبي جدة تم جمعها بين عام 1995-2011م تلاها بثلاث مجموعات هي تباعا ” يمضي وحيدا نحو الشمال عام 1435هـ من إصدارات أدبي مكة , ليل القرى عام 1437هـ من إصدارات أدبي تبوك , تقاسيم في ليل السراة عام 1441هـ من إصدارات أدبي الباحة ” وخلال هذه الأعوام ومن خلال هذه المجموعات الأربع فقد اعتلى المنصات للمشاركة في الأندية الأدبية وفي بعض المؤسسات الثقافية والملتقيات وله مساهمات كثيرة في نشر إبداعه في الصحف والمجلات السعودية وكان يعمل صحفيا غير متفرغ قبل أن يكون قاصا ولازال لديه بحسب علمي مشاريع أدبية تحت التقييم والتي سترى النور قريبا .
انعطافة قلم :
المبدعون مرهقون لأنهم يفكرون كثيراً ويقرأون أكثر فيما يقبع المتكلون خلف اسوارالحظوظ التي تبتسم لهم في غفلة من الزمن وتفتح لهم أبوابها المشرعة دون استئذان ودون أن يكلفوا أنفسهم خوض التجربة والإستفادة منها .
المبدعون يلونون حياتنا بالجمال