عاصمة العرب الرياض، ترمم البيت اليمني رغم تعدد وصلابة معاول ملالي طهران الفارسية التي حلمت ذات يوم بتأسيس إمبراطوريتها عبر تطويق المنطقة العربية بعملاء هدموا ديارهم، وخربوا بيوتهم بأيديهم، وسفكوا دماء أهلهم قربانًا لقم الفارسية التي لم تخسر فالدم عربي، والحرائق المشتعلة في بلدان عربية تحمل لها العقلية الفارسية كل الاحتقار، بل والثأر مع كل ماهو مسلم وعربي، فالفرس لم تمحوا الأيام من ذاكرتهم يوم ذي قار والقادسية وحربهم مع العراق العربي لثماني سنوات، ومن ثم احتلاله والتباهي باحتلال أربع عواصم عربية، لتأتي الرياض بسيف الحزم والعزم وتبتر اليد الفارسية وتحفظ لليمن وأهله عروبته واستقلاله، وما اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي اليمني إلا إحدى نجاحات القيادة السعودية في رأب الصدع، ولم الشمل من اتفاق الطائف إلى اتفاق الرياض، وما بينهما من مصالحات كانت السعودية عرابتها.
في اتفاق الرياض أثبتت السعودية للعالم مجددًا بأنها صانعة للسلام بالأفعال لا في الأقوال، فأسست لمرحلة جديدة بين الفرقاء اليمنيين، غُلبت فيه المصلحة العامة التي هي استثمار لجهود الجميع، وتوحيد للصفوف من أجل الحفاظ على اليمن العربي واستخلاصه من براثن العدو الأول وهو النظام الإيراني، الذي يشكل القاسم المشترك لمآسي منطقتنا العربية من العراق؛ مرورًا بسوريا وصولاً إلى لبنان التي اشتعلت بسبب السيطرة الفارسية على هذا الوطن العربي الجميل، أو سويسرا الشرق كما كان يوصف ذات يوم قبل أن تلوثه اليد الفارسية بعملائها وطائفيتها المقيتة.
جاء اتفاق الرياض ليتوج الجهود الدبلوماسية السعودية الإماراتية التي انطلقت من عدن مرورًا بجدة السعودية إلى الرياض لفتح صفحة جديدة يطوى فيها الماضي بين الأشقاء، وينظر فيها للمستقبل الواعد، والعمل مع التحالف العربي من أجل استكمال ما تبقى من أجل عودة الحكومة الشرعية لممارسة صلاحياتها وبسط نفوذها على كل شبر في الأرض العربية اليمنية.
وليثبت اليمنيون للعالم أن اليمن فوق الجميع وأي شخص يعارض الاتفاق بين المكونات اليمنية، لا يهمه حاضر ومستقبل اليمن، كان هذا التوجه هو لسان حال ومقال اليمنيين في تعليقهم على اتفاق الرياض، الذي رعته المملكة العربية السعودية، بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ولا غرابة أن تحظى السعودية بمكانة خاصة لدى اليمن حكومة وشعبا؛ لأنها تحترم جميع مكونات الشعب اليمني، وهي بدورها تحترم اختيارات الشعب اليمني، وما يتفق عليه أبناؤه الذين لم ينسوا ما قدمته السعودية من دعم سياسي وعسكري وتنموي وإغاثي قبل الاتفاق وسوف يستمر بعده، لدعم عودة الحياة المدنية من خلال دعم الرياض المستمر لمشاريع تنموية كبرى يقودها مركز الملك سلمان للإغاثة، جنبًا إلى جنب مع مشروع إعمار اليمن، المرصود له مبالغ ضخمة مع ما تكنه السعودية قيادة وحكومة وشعبًا من المشاعر الأخوية الصادقة لأشقائنا في اليمن.
فالمرحلة المقبلة ستشهد الاستقرار الأمني والمشاريع التنموية لصالح الشعب اليمني بدعم من التحالف العربي، كما يعد هذا الاتفاق بمثابة خطوة للوصول لحل سياسي شامل في اليمن، بعد أن وجدت النوايا الصادقة لدى الأطراف اليمنية.