عبدالله احمد الزهراني

أنا الشعب

أعلن المتظاهرون في شوارع لبنان الحرب على دولة الفساد مطالبين بتحسين ظروفهم المعيشية، وأحوالهم الاقتصادية، وتغيير الطبقة الحاكمة بكل رموزها رافعين شعار: كلٌ يعني كلٌ ؟!

يبدو أن المتظاهرين مصرون على مواقفهم التي اعترف بشرعيتها كل الفرقاء السياسيين على اختلاف توجهاتهم ومرجعياتهم، لكنهم مع الأسف راهنوا على عنصر الوقت فكانت استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري الصدمة الثانية التي أرادها إيجابية لعلها تجبر الطبقة الحاكمة على احترام إرادة الشعب والاستجابة لمطالب اللبنانيين، لكن وبدلًا من أن يرتفعوا إلى مستوى الحدث والمسؤولية راحوا يستدعون أتباعهم في تطور خطير واستعراض قد لا تحمد عقباه؛ لأنه سيصب النار على الزيت، وقد يوصل الوضع المتأزم لنقطة اللاعودة لا سمح الله.
فشارع في مواجهة شارع وساحة مقابل ساحة إرضاء للزعامات معادلة عدمية قد ينتهزها ضعاف النفوس والمتربصين بهذا البلد القائم على التنوع والاختلاف لإشعال برميل البارود أو افتعال أي حدث كبير لتدمير لبنان ؟!

من حسن الحظ أن الشارع اللبناني متفق في كل ساحاته على مطلب واحد، وهو اجتثاث الفساد الذي تحول إلى كرة لهب يتقاذفها رموز الطبقة الحاكمة وكل منهم يقول اليوم: أنا الشعب ؟!

العبور بلبنان من هذه الأزمة أشبه بالسير على حد السيف بين الفوضى ودولة الفساد والمحاولات الصبيانية لدغدغة مشاعر وعواطف اللبنانيين بكلام شعبوي وشعارات فارغة لن يحلحل الأزمة؛ خاصة مع إصرار كل طرف على اتهام الساحات الأخرى بالعمالة للخارج !
لبنان سيواجه بالفعل أيامًا صعبة إذا ما أصر شركاء الوطن على استدعاء الحلول من الماضي والاستهزاء بمطالب المتظاهرين، وتعطيل الإجراءات الإصلاحية، ووضع العراقيل في طريق تشكيل حكومة إنقاذ طالما لا تتفق مع مصالحهم ولا تروق لأهوائهم.

التنوع والاختلاف دومًا كان سر ثراء وجمال لبنان، والإصرار على التنكر لهذا الواقع وتلك الحقيقية وفرض صبغة بلون معين أو إخضاعه لتوجه واحد سوف يجلب عواقب كارثية، وسيحطم هذه الفسيفساء الرائعة ويحسب للشارع اللبناني تقدمه على زعاماته السياسية، وأصبحت تقسيمة الموالاة والمعارضة جزءًا من الماضي واليوم الجميع مصطف خلف علم لبنان.

ختامًا:
هل تستطيع المنظومة القابضة على مقاليد السلطة في لبنان استخلاص العبر والدروس من الحاضر والماضي القريب، واتخاذ قرارات صعبة للعبور بالدولة وتشكيل حكومة كفاءات بدل الانشغال في تصنيف الساحات الأخرى، ومحاولة الالتفاف على مطالب المتظاهرين ؟
اليوم الشرعية الشعبية هي التي فرضت نفسها ولها الكلمة العليا بعد أن فشلت الشرعية النيابية على مدار أكثر من ثلاثين عامًا في كسر احتكار السلطة والثروة ومسلسل الفساد.

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button