عندما يتم إقرار نظام تعليمي يحدث نقلة نوعية في الكيف متضمنا أسس الجودة في التخصصات الأكاديمية، إثراء المجال البحثي وتنمية الموارد المالية والقدرات البشرية بما يسهم في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030, فنحن حتماً نتكلم عن نظام نوعي ذو أثر عميق سينعكس على مخرجاتنا التعليمية، البحثية، الابتكارية والإبداعية.
إننا بتمييز المجالات الاكاديمية والبحثية للجامعات السعودية، وتحقيق الاستقلالية المنضبطة للجامعات وفق السياسات العامة سنحقق مبدأ الاختلاف والتميز. “الطريقة الوحيدة لعمل أشياء عظيمة هي أن تحب ما تفعل، وتسعى لإتقانه”. وهنا ستصبح العملية التعليمية في الجامعات وفقاً للاستقلالية المرنة المنضبطة هي مؤسسات تمارس التعليم بشغف والبحث العلمي بإتقان والإبداع والابتكار بتميز يجعل لكل مؤسسة تعليمية بصمة مميزة، حيث ستتكامل الجهود بتميزها وليس بتكرارها.
إن تحقيق انعكاس رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة 2030 من تمكين الجامعات من إقرار تخصصاتها وبرامجها في المجالات التي تبدع فيها كل جامعة بشكل مميز وفقاً لقدراتها وخبراتها وكفاءاتها البشرية والتقنية والإدارية وفقاً للاحتياجات التنموية والمتوافقة مع متطلبات سوق العمل السعودي سيحدث فارقاً في سد الفجوة التي طالما تم المعاناة منها لسنوات طويلة. فالتوافق بين مواصفات الخريج (والذي سيكون مميزاً من جامعة إلى أخرى) مع متطلبات سوق العمل المتجددة والمتغيرة بشكل متسارع سيكون من أبرز النتائج التي سيحققها هذا التميز الفريد لتصنيف الجامعات السعودية.
ومن حيث التحول الرقمي واهتمام الدولة بهذا المجال تحديداً، فقد ركزت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على تعزيز حوكمة التحول الرقمي على مستوى المنظمات بشكل عام والدولة بشكل خاص وجعلت ذلك إحدى الأهداف البارزة في الرؤية. التحول الرقمي بشكل عام هواستراتيجية وطريقة عمل تسعى المؤسسات من خلالها الى الاستثمار في الأفكار التقنية لزيادة الكفاءة وتحسين الأداء وزيادة العوائد المالية من خلال توفير قنوات جديدة من العائدات التي تزيد من قيمة مخرجات هذه المؤسسات.
يعد التحول الرقمي والاقتصاد الرقمي (اقتصاديات المعرفة) من أهم المجالات التي من الضروري للمؤسسات التعليمية أن تتبناها بحكمة وأن تطبقها بجودة لتسهم في خفض الكلفة التشغيلية للجامعات. فالتحول الرقمي قادر وبشكل كبير على خلق بيئة تنافسية تقنية جاذبة تحقق أعلى مستويات الجودة بأقل التكاليف، وتوفير مصادر تمويل جديدة تجعل من الجامعات قادرة على الاعتماد نوعاً ما على مواردها المالية الذاتية وتقليل اعتمادها على ميزانية الدولة. فبرامج التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد التي تسهم في إيصال المعرفة والعلم لجميع المستفيدين من خارج المملكة العربية السعودية بتكاليف مالية يعتبر من أهم المصادر الاستثمارية للدولة وخاصة إن استثمرت الجامعات منصاتها الإلكترونية في مجالات قوتها العلمية. فهنا جامعة أم القرى لديها من المكانة الاستراتيجية الإقليمية التي من الممكن أن تجعل منصتها لتعليم علوم الدين والعلوم الشرعية بالإضافة إلى اللغة العربية لغير الناطقين بها من أهم المنصات التي يمكن أن يلتحق بها المسلمون عبر العالم للتتلمذ على أيدي مشايخها الأفاضل. ناهيكم عن أن خبرة أهل مكة وجامعة أم القرى تحديداً في مجال الحج والعمرة والتي يجعل منها مجال تخصصي متميز يمكن تقديمه للمستفيدين عبر العالم افتراضياً، والأمثلة على ذلك كثير.
إن التخطيط المبدع لتطبيق نظام الجامعات الجديد سيحقق نقلة نوعية في مسيرة الجامعات السعودية المبنية على أسس الجودة والتمكين البحثي، العلمي والتطبيقي بما يحقق التنافسية التعليمية في بيئة أكاديمية إبداعية ذا جودة وقادرة على تطوير مخرجات العملية التعليمية بما يتوافق مع أهدافنا، لنصنع وطناً طموحاً، اقتصاداً مزدهراً ومجتمعاً حيوياً.——————————-
– وكيلة عمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد
– مستشارة (التطوير والتقنية) لوكيلة الجامعة لشؤون الطالبات