كثير من علاقات الزمالة في العمل تتحول إلى صداقات متينة وعلاقات خاصة، ولكن ماذا لو كانت هذه العلاقة بين الرئيس والمرؤوس أو بين المدير والموظف ؟
إن فرص نشوء علاقات شخصية في بيئة العمل متوفرة بشكل واسع وكبير، بسبب أن الموظف يقضي في العمل وقتًا طويلًا من يومه يفوق ما يقضيه في منزله أو مع أصدقائه، وبذلك تكون الفرصة مواتية لتكَون علاقات صداقة، ولكن ذلك يعدُّ سلاحًا ذو حدَّين؛ خاصة إذا كانت تلك العلاقة بين المدير والموظف، حيث سيجد كلاهما صعوبة كبيرة في الفصل بين مفهوم الصداقة والزمالة، وستكون هذه العلاقات خطرة وحساسة في ذات الوقت، فعندما تصل العلاقة إلى مستوى الصداقة الحقيقية، فهذا يعني أن الشخصين يعطيان أولوية للصداقة على حساب أشياء أخرى، وتزداد خطورة الموقف إذا تضمنت هذه الأشياء متطلبات العمل، وسيواجه المدير حرجًا كبيرًا عند إصدار أي قرارات، وربما ستكون قراراته في الغالب متوافقه مع مصلحة الموظف صديقه، في حين أن الموظف لن يجد أي حرج في رفض الأوامر التي لا تتناسب مع مصلحته معتمدًا على العلاقة التي تربطه بالمدير والصداقة التي بينهما.
ولا أنفي ضرورة وجود علاقات حميمية بين المدير وموظفيه وليس صداقات، فالعلاقات الخاصة والحميمية مطلوبة في جميع الأحوال، ومن شأنها أن توجِد نوعًا من الألفة والمودة بين الطرفين بما يساهم في تطوير الأداء، بل ومن الواجب على المدير تكوين علاقات حميمية مع موظفيه، ولا مشكلة في ذلك على الإطلاق؛ خاصة إذا كان المدير كفؤًا ويمكنه السيطرة على جو العمل والاستمرار باتخاذ القرارات، والعلاقات الحميمية لا تعني صداقات، فالصداقة عبارة عن اهتمامات وصفات مشتركة بين شخصيتين مصحوبة بارتياح متبادل، ولا يمكن للمدير أن يتوافق في شخصيته مع جميع الموظفين، بل ومن المستحيل أن يكون لجميع الموظفين نفس الاهتمامات ونفس الطباع، فإذا فشل المدير في تمالك مشاعره فإنه حتمًا سيجد نفسه منجرفًا في عاطفته نحو أشخاص محددين دون غيرهم، فهو لن يستطيع أن يصادق الجميع نظرًا لاختلاف ميولهم واهتماماتهم، وإذا تعمَد أن يقوم بصداقة كل موظف فإنه بالتأكيد سيتصنع ذلك، ولا يمكن لتصنع أو صداقة من هذا النوع أن تنجح أو تدوم، فالمدير إنسان له مشاعر وخصائص شخصية، وفي اعتقادي أنه يجب تكوين علاقات حميمية وليست صداقات خاصة بين المدراء والموظفين، ويجب أن تكون تلك العلاقات في حدود التقدير والاحترام وأن تكون ضمن أطر محددة، ويتحتم على المدير أن يحافظ على هذه الأطر، وأن يوازن بين معطيات بيئة العمل والعلاقات الخاصة.
فهناك مدراء يعتبرون أن العلاقة بينهم وبين مرؤوسيهم يجب أن تكون ضمن حدود ضيقة جدًا؛ كي لا تُمَس هيبتهم وهويتهم السلطوية؛ لأنهم يعتبرون بساطة وعفوية التعامل مساسًا بهيبتهم وقدرتهم على إدارة الموظفين، الأمر الذي يبقي العلاقة بينهم وبين موظفيهم علاقة عمل بحت، مما سيجعل الموظف يؤدي عمله ليس رغبة في الإنجاز بقدر ما هو أصبح خوفًا من المساءلة وحتى لا يقع تحت دائرة التقصير.
ففي اعتقادي أن المدير الذي يتمتع بقدر كافٍ من الحصافة الإدارية، هو المدير الذي يسعى إلى إيجاد علاقات حميمية مع الموظفين، وفي أطر محددة دون المساس بمصلحة العمل، وبما يجعل الموظفين يقومون بمهامهم الوظيفية بمعنويات مرتفعة وليس خوفًا أو هروبًا من المسؤولية.
2
كلام سليم
فالعلاقات الخاصة داخل العمل تضر بالعمل
وكذلك بعض الصداقات في العمل قد تخلق أحزاب وشللية داخل الادارة