قلم رصاص
أُجريت دراسة قبل سبعين عامًا في جامعة هارفارد عن سر الصحة والسعادة وطول العمر على عينة من الطبقة الغنية، وعينة أخرى من الطبقة الفقيرة؛ حيث وجدوا في خُلاصة الدراسة أن “العلاقات الجيدة” تجعلنا أطول عمرًا، وأفضل صحة وأكثر سعادة.
باعتقادي “المتواضع” أن العينة التي أُجريت عليها الدراسة لا تمُت لمجتمعاتنا بصلة “لا من قريب ولا من بعيد”، وإلا فشلت هذه الدراسة فشلًا ذريعًا “يسمع عنه القاصي والداني”؛
لأن هناك جبابرة في مجتمعاتنا قضوا عقودًا من الزمن لم ينقرضوا، ولم تقصر أعمارهم يومًا واحدًا بل تزيد، وهم لا يؤمنون بتلك العلاقات الطيبة ولا يُقيمون لها وزنًا. وجوههم حالكة السواد وقلوبهم ممتلئة غيظًا وحقدًا وشكوكًا من هذا وذاك، “ضربوا بتلك العلاقات عرض الحائط” يحسبون كل صيحة عليهم، صامدون لا يتغيرون ولا يتبدلون ولا يهرمون، ولا يؤمنون بلغة التواصل وأبسط أبجديات الحوار مع الآخر.
هذه الدراسة لو أُجريت لدينا على الطبقة المضادة للمجتمع التي لا تمت لمجتمعنا الإسلامي بصلة؛ لأصبحت على النقيض تمامًا من تلك الدراسة التي أُجريت لديهم، ولربما استنتجوا من خلالها جينات وراثية عدائية ورّثوها عنوة للأجيال القادمة.
وإن كنت أُجزم أن كل بلدان العالم فيها الصالح والطالح، ولكن ديننا الإسلامي يحثنا على حُسن المعاملة وطيب المعشر، وإن كل حركاتنا وسكناتنا مرتبطة ارتباطًا جذريًا في “الدين المعاملة”، ونبينا عليه السلام بُعث ليتمم مكارم الأخلاق.
ولكن بعيدًا عن التشاؤم هناك “بصيص” أمل حينما ننبذ الفردية والاستعداء على الآخر أن يتحقق ولو جزء يسير من هذه الدراسة، ويتغير بعض من هؤلاء الجبابرة إلى حمل وديع “لايهشّ ولا ينشّ”؛ لنشم من خلاله رائحة المعاملة الطيبة كما نشم رائحة الشواء ونحن نتضور جوعًا، وكما يُقال: “ريح أبو زيد ولا عدمه”.
ولكن الإحباط في أحيانٍ كثيرة يتسلل إلى قلبي حينما أتذكر أن “الطبع بالتطبع”، و”غير جبل ولا تغير طبع”، “وحانشوف مع الأيام جبابرتنا عاملين إيه”.
باعتقادي “المتواضع” أن العينة التي أُجريت عليها الدراسة لا تمُت لمجتمعاتنا بصلة “لا من قريب ولا من بعيد”، وإلا فشلت هذه الدراسة فشلًا ذريعًا “يسمع عنه القاصي والداني”؛
لو لم تكتب سوى هذه العبارة لكفت .