المقالات

مثالية الآخر

يتردد هذا المصطلح كثيرًا ضمنًا، وليس تصريحًا في حياتنا، ويزداد وينقص باعتبار الحياة النفسية والمؤثرات الخارجية التي تصنع ذلك الشعور، وتبني تلك الروح.

ترتبط مثالية الآخر ارتباطًا طرديًا برفض الذات كما يسميه علماء النفس، وبالتالي زيادة أحدهما تعني بالضرورة زيادة في الآخر، فمتى زاد شعور رفض الذات زاد الشعور بمثالية الآخر، وقس على هذا.
رفض الذات وبصرف النظر عن مستوياته يعني أن صاحب ذلك الشعور يعيش حالة نفسية أشبه ما تكون شعورًا بعدم الأحقية في الحياة، وبهذا تبني عنده شعورًا بمثالية الحياة لدى الآخرين وبوابة هذا الشعور، كما تعلمون هي المقارنة فإذا ما ولجت في هذا الباب تلقفتك مسارات متعددة من المقارنات، والتي في الغالب تخرجك إلى زنزانة صغيرة بنافذة واحدة تطل على كل جميل لا تملكه وكل هدف لم تتمكن من تحقيقه، لذلك قرر علماء النفس أن أكثر ما يهين الذات ويحط من قيمتها هي المقارنة، وأن تجعل نفسك وغيرك على مقياس واحد، وهذا كفيل بأن تكون في مقام عالٍ من الظلم حيث ساويت في النتائج بمعطيات مختلفة، وأنت بهذا ولا شك إما ظالم لنفسك أو ظالم لغيرك، ومع سهولة الوصول إلى الحياة الشخصية للآخرين خاصة مع ما نعيشه تزداد المقارنات كثيرًا، وتزداد معها الشعور بعدم الرضا، وبالتالي طريق معبد نحو رفض الذات.

قد يفسر رفض الذات بالقطيعة معها والاغتراب الحاصل بين الذات وصاحبها فعدم فهمها وتقديرها حق قدرها يوصل إلى الاغتراب ثم القطيعة، وتنتهي بالرفض.

من أكثر الأمور المؤثرة في رفض الذات الوقوف كثيرًا على نظرة الآخرين، وجعلها محل اهتمام مبالغ فيه والركون إليها في تقييم الذات، وأن تصبح أنت وذاتك رهينة ما تسمعه من أفواه الآخرين، وما تراه في أعينهم.
إذًا هي أزمة أنت من خلقها في ذاتك، وأنت من يقويها، وأنت وحدك صاحب الخيار في أن تستمر.

مستويات حب الذات والنرجسية تحديدًا تعد صفة نقص ولا شك، ولكن لعل قليلًا منها لمن يعاني رفض الذات قد تكون علاجًا وسبيلًا لا بأس به لرفع مستوى الإعجاب بما لديك، ومن ثم الحب، وهذا كفيل بخلخلة ذلك الرفض الذي تعيشه.

وخير من هذا وذاك الاتزان والاتزان عزيز، وبناء ذات قوية تتمنّع أمام تقديس الآخر، ورفض الذات، وتتوسط في الإعجاب بالنفس وحبها ولن يكون هذا إلا بمعرفة ما يميزها واستشعار أن لكلٍ ما يميزه عن غيره، والفرق فقط في أن أحدهم عرف نقاط قوته وعمل عليها، والآخر لازال تائهًا عن نفسه، ولابد له أن يصل يومًا لتلك المرحلة فيعرف ذاته ويدرك قوتها ويتساوى هو وذاك.
أخيرًا قبل أن تشغل نفسك باستنباط ما يجيده الآخر، ويتمتع به والوقوف على مميزات أولئك الأشخاص، وصنعهم أصنامًا في ذاتك وحّد جهدك بذات القوة وذات النباهة في استنباط ما تملك.
غرد بـ كثيرًا مما تملكه لا يملكه الآخر، ولكن كيف لك أن تعرف، وأنت هجرت ذاتك من أجله.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button