استطاعت الصحف الإلكترونية استخدام فنون وآليات ومهارات العمل الصحفي؛ بالإضافة إلى تقنيات المعلومات التي تناسب الفضاء الإلكتروني من فرض تحدٍ كبير ليس فقط على الصحف المطبوعة، بل على الصحفي الراغب في التميز المهني.
وذكرت الكاتبة “أليس أنتيوم” بمدرسة الصحافة والعلوم السياسية بباريس ثلاث إشكاليات للصحافة الإلكترونية التي أصبحت “أداة تحقيق مشروعة”.
وقالت الخبيرة أن الأمر يتعلق بـ”اليقظة الصحفية” التي تهدف إلى “تتبع عناصر متشتتة عبر شبكة الإنترنت (فيديوهات والأخبار الصادرة في تويتر والنقاشات عبر شبكة الإنترنت والتعليقات) فيما يخص موضوع معين” معتبرة أنه “تمرين معقد” يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المصادر، وتسيير تدفق المعلومات.
وتطرقت الكاتبة إلى “العلاقة بالزمن” التي تقتضي معالجة الأخبار في الوقت الحقيقي مما يقتضي استشارة مواقع أو تطبيقات على النقال للحصول على الأخبار الأخيرة. كما ذكرت “ثبات نسبة المتابعة التي تقتضي أن الصحفي يبدأ عمله فقط عندما يتم بث مقالة على شبكة الإنترنت”، وأنه “معرّض دون توقف إلى تصور ” القراء لعمله حيث بإمكانهم “توجيه خياراته في مجال الكتابة”.
وبررت تقول: “الصحفي يصبح بذلك وصلة يبحث عن مواضيعه في شبكة الإنترنت، ويتحاور مع مصادره عبر البريد الإلكتروني والفوري وشبكات التواصل الاجتماعي”.
لذا اعتبرت الخبيرة أنه “ما بين الصحفي العامل بموقع إلكتروني والصحفي العامل في جريدة مطبوعة من نفس المجمع يعد البعد المهني والنفسي والبشري أكبر منه عن صحفيين يعملان لمواقع صحفية إلكترونية متنافسة”.
ومن خلال هذه الإشكاليات الثلاثة قالت الكاتبة إن ممارس الصحافة الإلكترونية مدعو “لتصفية دقيقة لمخزون هائل من المعلومات التي لايجب أن تغمره لأنه يمكن أن تفلت منه العناصر الهامة”.
لا تنحصر مسؤوليات الصحفي الإلكتروني في اتباع القواعد الأساسية للصحافة التقليدية، كالحيادية، أو الموضوعية، أو الدقة والحرفية في نقل الخبر، أو حتى التأكد من مصادر الأخبار، بالإضافة إلى الأخطاء الإملائية والأخطاء النحوية، ودراية عالية بنوعية الجمهور المتابع لهذه المواد المنشورة. بل تتخطى هذه المسؤوليات؛ لتصل إلى التيقظ في طريقة الكتابة التي يجب أن تتناسب مع الوسيلة الإعلامية التي توصل المعلومة النهائية إلى الجمهور.
ختامًا:
من وجهة نظري كممارس أرى أن الصحفي الإلكتروني يتمتع بحس مهني ونفسي، وتقني مميز، يجعله أكثر ذكاءً ونباهة وسرعة مما كان يتطلبه العمل الصحفي التقليدي من مؤهلات ومهارات، لأنه يتعامل مع نشر الأخبار بطريقة آنية بعكس الصحفي الورقي الذي لديه مساحة كبيرة من الوقت لصياغة الخبر، ووضع العنوان المناسب له، ولهذا ليس بمقدور أي صحفي ورقي العمل في الصحافة الإلكترونية التي تتطلب لياقة عالية في التفكير والتحرير، والجمع بين النص والصوت والصورة ومقاطع الفيديو والمستويات المختلفة من التفاعل مع المتلقي؛ لاستقصاء الأنباء ومعالجتها، وتحليلها ونشرها بسرعة مذهلة.