الخبر المتداول مؤخرًا عن النقاش داخل أروقة مجلس الشورى، بشأن السماح لبعض موظفي الخدمة المدنية بالأعمال التجارية، خبر مفرح لكثير من الموظفين الراغبين في فتح أفق جديدة، من خلال القطاع الخاص، ليمثل بجانب الوظيفة رافدًا آخر، يثمر عوائد مادية تسهم في تحسن المستوى المعيشي للموظف، إلا أن هذا القرار المنتظر قد يكون سلاح ذو حدين، فكما أن هناك موظفين جادين يبحثون عن مثل هذه الفرص، وبالشكل الصحيح وفق أنظمة وزارة التجارة، نجد بعض المنتفعين ضيقي الأفق والملتفين على اللوائح والأنظمة، يسهمون في تمكين العمالة من ممارسة أنشطة تجارية، تعود بالنفع في الدرجة الأولى لهم، والقليل القليل يعطى لواجهتم التجارية، ذاك المواطن المتستر عليهم، وهو مع ذلك يحدث ضررًا كبيرًا في اتجاهات مختلفة، ويكفي من ذلك زيادة سيطرة العمالة على قطاع، يصعب أن يجد فيه المواطن المستجد في عالم التجارة موطأ قدم.
ولنتحدث عن سيطرة العمالة الأجنبية، على المحلات التجارية خاصة الدكاكين الصغيرة، وهي واضحة وملموسة ومؤذية ماديًا ومعنويًا للمستهلك، وما ذلك إلا لعملية التلاعب في الأسعار التي يصعب السيطرة عليها، فكل عامل يدلو بدلوه، لنجد كل دكان له تسعيرته الخاصة، التي تبنى على سعر الجملة، مضافًا إليها الربح الذي يرتضيه عامل الدكان، ولذا نحن أمام متغير يؤثر في تفاوت التسعيرة من دكان لآخر، وهذا المتغير يتمثل في العامل نفسه، ومدى رؤيته ومفهومه للربح المعقول، وهذه الرؤية قد تقع تحت تأثير الحالة النفسية والمزاجية للعامل، والطريف في هذا الأمر يتضح بمجرد النقاش بشأن ارتفاع سعر أي سلعة والتشديد في ذلك، تجده يتجه مهرولًا لخفض السعر المبالغ فيه، إلى السعر الطبيعي الذي يوفر له ربح معقول، وهذه استراتيجية وجدتها في دكاكين كثيرة، وهي استراتيجية قد تكون ناجحة مع بعض المستهلكين الذين لايراجعون زيادة الأسعار.
هذه الممارسات التي يقوم بها بعض العمالة، أولئك الذين تعودوا على المخالفات التجارية مستنفذين كل الحيل الممكنة، ماهي إلاَّ نتاج التستر التجاري، والذي يخفي تملك العمالة للنشاط التجاري خلف المواطن، المهتم للمعلوم أو الفتات الذي يحصل عليه آخر الشهر؛ ليقوم العامل مقام الآمر الناهي وصاحب رأس المال، ليعمل وبكل قوة ولو بالحيلة لحصد أكبر قدر من الأرباح.
أخيرًا أقول:
في حال الموافقة على هذا القرار، وفي ظل عدم التفرغ التام من قبل الموظفين للأعمال التجارية، فإننا لانريد أن نشاهد ارتفاعًا لحالات التستر التجاري، ولذا يجب التأني وإعطاء القرار مزيدًا من الوقت؛ ليخرج بشكل صحيح، ويغلق كل الثغرات التي تساعد على عملية التستر التجاري.