(اليوم العالمي لمكافحة الفساد)
اعتمدت الجمعية العامة، في 31 أكتوبر 2003، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وطلبت إلى الأمين العام أن يكلف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بتولي مهام أمانة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية.
واختارت الجمعية العامة يوم 9 ديسمبر سنويًا كيوم دولي لمكافحة الفساد، من أجل إذكاء الوعي عن مشكلة الفساد وعن دور الاتفاقية في مكافحته ومنعه. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في كانون الأول/ديسمبر 2005، وتشارك المملكة دول العالم في الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة الفساد، ومن مؤسساتها كمثال للاحتفاء، وزارة التعليم بالتثقيف والتوعية بمفاهيم النزاهة وبناء وتعزيز قيمها لدى طلاب وطالبات التعليم العام، وفق آليات محددة ومنهجية علمية في ضوء رؤية المملكة 2030م.
والرّشاد ، ضد الفساد الذي هو:
حالات انتهاك مبدأ النزاهة؛
وهناك اتفاق دولي على تعريف الفساد كما حددته “منظمة الشفافية الدولية” بأنه كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته. وبشكل عام فإن الفساد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة”
إذ يعتبر الفساد عفن الماديات، وانحراف السلوكيات، وضعف النفسيات …؛
والفساد، من الفعل فسد
وقد وجدتُ من الاستقراء أنه يقتصر على الشيء ذاته، ولايكون إلا في جامد، وفعلها لازم غير متعدٍ:
قال تعالى: ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)،
وقال تعالى:(ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا).
فالفساد يتجاوز نفسه إلى الآخر، ويكون فعله متعديًا بزيادة الهمزة (أفسد) فاقتضت مفعولاً به …!!
وجاءت في القرآن الكريم بصيغة اسم الفاعل جمعًا ومفردًة:
قال تعالى 🙁 والله يعلم الْمُفْسِدَ من المصلح).
وقال تعالى:(ولاتعثوا في الأرض مفسدين).
ولم ترد إلا في البشر، جنس الإنسان، لاغيره..!!
ولم ترد في القرآن كلمة (فاسد) لأنه ليس هناك فاسد حكمًا وعلمًا، بل مفسد تجاوز ذاته ليجد مفعولًا يقع عليه فساده..!!
فكما إن الإفساد غيّر بنية الكلمة (فسد) تغيرت معه بنية البناء الاجتماعي، والإداري، وتجاوزهما إلى البعد الأخلاقي الذي “يكون أكثر وضوحًا في المجتمعات؛ لكونه يرتبط بالحريات الخاصة وتصرفات الافراد، ويتمثَّل بمجمل الانحرافات الأخلاقية المتعلقة بالسلوك الفردي في إطار المعاملات، وانتهاكه للقوانين الشرعية والأخلاقية التي يدين بها المجتمع يتجلى ذلك في القيام بأعمال مخلة بالآداب ومخجل، أو التعرض للحريات العامةوانتهاك الحرمات”، ومتى تغلغل الفساد في عقول بعض أبناء المجتمع، وتسلل إلى ضمائرهم، وامتطى أخلاقهم، واقتاد سلوكهم، فالبناء الاجتماعي في طريقه إلى التخلخل، يضعف معه الانتماء، وتتوارى المواطنة، وتعتريه هِزَةٌ تهوي به إلى الزوال،
كما رأى ابن خلدون «إن انتشار الفساد يدفع بعامة الشعب إلى مهاوي الفقر والعجز عن تأمين مقتضيات العيش، وهو بداية شرخ يؤدي إلى انهيار الحضارات والأمم».
وتربية الناشئة بالتثقيف والتوعية بمفاهيم النزاهة وبناء وتعزيز قيمها لدى الجيل وفق آليات محددة ومنهجية علمية، لإعداد جيل يتكئ على الأمانة، معززًا بعقلٍ واعٍ، وضميرٍ حيّ، وسمو أخلاقٍ، تتوشح بتعليمات الدين، يقودها وازعه، وتنأى به عن نوازعه.
اللهم لاتجعلنا من المفسدين، واحمِ بلادنا من الطامعين.