هناك فرق بين أن يمر بك شريط الذكريات سريعًا، وبين أن يسكن في داخلك، ويتحكم في مشاعرك، ويؤثر على طريقة تفكيرك وردود أفعالك، وتصرفاتك الحاضرة.
ويصبح الزمن يتغير إلا أنت والظروف تتبدل إلا خيالك السابح في الماضي البعيد.
ألم تلحظ أن الموجة التي تأتي بكل عنفوانها، وتتهادى ألقًا وطربًا لامحالة أنها سوف تتكسّر وتنتهي، وتختفي على رمال الشواطئ مهما حاولت أن تبقيها في نظرك فلن تبقى لأن خلفها موجة أخرى تلاحقها قادمة بعدها تطل من بعيد.
حياتنا أيها القارئ الكريم هي عبارة عن سلسلة من الأمواج والأحداث المتلاحقة فيها الفرح، والسعادة، والهدوء، والروقان تارة، والمصاعب والقلق والأحزان تارة أخرى، وكل شيء قدّره الله بالميزان.
فاركب موجتك الجميلة حين تأتي، واستمتع بها وهي في عنفوانها قبل أن تنتهي وتتلاشى على شواطئ عمرك القصير.
وتذكّر أنه لافائدة أبدًا من سكب الدموع، واجترار الماضي البعيد
والأحزان الماضية في كل مناسبة فما فات قد فات، ولن يرجع ويتكرر حتى لو ملكت مفاتيح وكنوز العالم فلن تستطيع أن تعيده أبدًا.
قد ينجح الطب في تجديد بعض خلاياك التي ذبلت، وقد تتمكن كريمات التجميل من إخفاء بعض التجاعيد التي ظهرت على محياك البهي وإشراقة وجهك التي غربت، وقد تتمكن من جديد في استرجاع لجزء من وسامتك وتخفي عطب السنين، ولكنك لن تتمكن أبدًا أن تعيد لحظات الفرح والبراءة التي عشتها في أيام طفولتك، وقصص الحب والغرام والمراهقة وثورة العواطف التي كانت مشتعلة داخل قلبك في ريعان شبابك، ولن تتمكن من استعادة ذرة من إحساس آسر يشبه الإحساس الذي كنت تشعر به في دفء ضمة صدر أمك لك حين كانت تستقبلك بابتسامتها الساحرة، ولا تُرّجع لك نفس الفرحة الغامرة التي اشتعلت يومًا داخل أعماقك فرحًا بقدوم مولودك الأول ومناغاتك له حين يحبو أمام ناظريك.
لذلك تذكّر جيدًا أن الفرص حين تأتي لاتتكرر فحين تظهر لك من بعيد اقتنصها ولا تضيعها بالتسويف، والخوف، والتأجيل والمقارنة، والتردد والتعليل، فلحظات العمر الجميلة للأسف بعضنا يراها جميلة فقط عندما تختفي من حياته، فدعونا نحرص أن نستمتع بها في وقتها الآن، وليس غدًا، ونعيش تفاصيلها، ونذوب في دباديبها ونستنشق عبقها ورحيقها، ونعيش مُتعة ظروفها وأجوائها ولا نخنقها بمقارنة وتذكّر الماضي البعيد الذي لا يفيد.
وتذكّر أن الحاضر الأجمل هو ملكك وأنت وحدك من يُشكّله ويصنعه ويستمتع أويتعذب بلحظاته، فعش حاضرك وتفاعل مع أحداثه، وركز تفكيرك وجهدك الأساسي عليه.
فهو الأولى بالإهتمام والتركيز.
كم من أحبه ضاع حاضرهم في التفاهات والحساسيات والصراعات الماضية، وكم من عاشقين تاهوا في التفسيرات والاتهامات، والشكوك، والرسائل الصادمة.
وكم من أصدقاء خسروا أجمل الأوقات في العتب والقطيعة والمناكفة الفارغة، وخلق المبررات والأعذار الواهية، وكيد الدسائس، والمؤامرات، والبحث عن الإدانات والاتهامات الزائفة والخادعة.
وكم من أخ أو أخت تنازعوا في الشكليات، واختلاف الرؤى، والثقافات، والأصول، والواجبات والمجاملات الخاطئة.
وكم من ابن وابنة حرموا أنفسهم متعة النظر إلى الآباء والأمهات، وتقبيل أيديهم وأرجلهم، والاستماع إلى أحاديثهم، والظفر بدعواتهم من أجل الانشغال بدنيا زائفة وبخاطر زوج أو زوجة ظالمة، أو وظيفة زائلة، ولم يصحوا إلا بعد أن رحلوا الغالين عن ديارهم، وصاروا أمواتًا عندها ندموا وذرفوا دموعًا حارقة ساخنة، وشعروا بحسرة وألم، وغصة موجعة باكية خانقة.
صدقوني أن الحاضر يصنع الماضي ويبني المستقبل فلا تضيعوا أجمل الفرص والأوقات الحاضرة، وتستبدلونها بالعيش في دهاليز الماضي العتيق وشريط الذكريات الذي أصبح يقتل فيكم كل فرحة قادمة، ويحرمكم من كل لحظة سعيدة هانئة، فتلك لعمري صفقة مميتة خاسرة.
واستمتعوا بحاضركم الجميل في كل اللحظات، وبرمجوا عقولكم وقلوبكم على رؤية وإبراز الإيجابيات، وتجاهل السلبيات والتركيز على الحاضر فهو الأهم والأبقى لحياة سعيدة هادئة بعيدًا عن ماضٍ قد رحل وتولى بظروفه وواقعه وأفراحه وأحزانه، ولن يعود أبدًا، ولا تجعلوه قاتلًا خفيًا يحرمكم جمال الحاضر وحلاوته لن تندموا أبدًا، ورددوا معي بلاش نتكلم في الماضي الحاضر أحلى وأجمل لحياة صحية يملؤها التفاؤل والسعادة بإذن الله.
كلام عاطفي جميل.. لكن احيانا تحتاج للابتعاد عن كل مايكدر صفو حياتك.. لماذا تحافظ على علاقات تكسر روحك؟ ابحث عن كل مايحقق لك السعادة وتمسك به
كلمات تلامس الواقع من الكاتب. وليت شبابنا وشاباتنا يقرؤون
كلمات تصف واقع الحياة بنظرة شمولية.. احتجنا لمثله لنفهم التغيير السريع الواقع حاليا.
مقالة رائعة جدا، محتواها يصف واقعنا اليوم
مقال جميل جدا، استمتعت فيه
كلمات رائعة تستوجب منا اعادة النظر والاستمتاع بلحظاتنا بارك الله فيك كاتبنا المتميز
مقالة جميلة و تقدم وصف مبسط لواقع يعيشه الكثير دون أن يلاحظو ذلك.
مقالة لامست شغاف القلوب بلغة بسيطة جمعت الشرق والغرب والشمال والجنوب في مشهد وعرض رائع لاتمل قراءته من الشروق الى الغروب شكراً صحيفة مكة الالكترونية مقالة رائعة فيها شلال من الحكمة والجمال ليس له نضوب
سطور تنبض بالجمال لاتمل قراءتها وعنوان مقالة مثير ومحتوى راقي فراءته عدة مرات من جمال معانيه وأهدافه السامية
كلام يسطر بماء الذهب من جماله وحقيقة يعيشها بعض البشر شكرا لك كاتبنا المتميز على الطرح الجميل ?
مقالة فكرية بإمتياز تمت صياغتها بإسلوب بديع يجعلك تعيد قراءتها اكثر من مرة لجمال معانيها والحكم والدروس المستفادة شكراً صحيفة مكة الالكترونية نريز المزيد من هذه المقالات
مقال جمع فيه الكاتب اهم عناصر منغصات الحياة والتي من أهمها نمط التفكير الذي ابتلينا به جميعا. الجانب الاصعب هو كيفية تمكين أنفسنا من التحليق في الفضاءات الجديدة الموجودة من حولنا والتركيز عليها للتغلب علي واقعنا الذي يشدنا أكثر وأكثر للتفكير في القضايا التي تغرقنا في البؤس.
الله الله من دهاليز الماضي وشريط الذكريات مقالة في الصميم أرجو أن يستفيد منها من لا يرون في حياتهم الا التغني بالماضي البعيد وينسون جمال حاضرهم شكراً كاتبنا المبدع وصحيفتنا المتميزة