عوضه الدوسي

دوس والنافذة التاريخية

في الوقت الذي اكتفى فيه البعض من الإعلاميين والأكاديميين والكتاب بالثناء والتمجيد على دوس دون عناء السفر للوقوف على جغرافية الأمكنة والمعالم التاريخية هناك، فالجميع لاشك على وعي تام بأمجاد الماضي وما نتطلع اليه ان يكون هناك توجه وحضور فاعل تجاه هذه المنطقة التاريخية كما هي خطوة الأستاذ إبراهيم بن يحي الزهراني ، ولكون المكان يجمع بين لفيف من الابعاد المختلفة فهو جدير بالزيارة من حيث قضاء الوقت الماتع مع استعادة وافرة لأمجاد الماضي ، فالتباينات الجغرافية موحية جدا مع إيقاع بصري متناغم بالألوان من أشجار فارعة في السماء تتدلى اغصانها بظلال وارف ومن شجيرات تتزاحم باحتشاد لوني تزيد ملامحها بهجة وسرور مع حالة من الارتقاء وصفاء النفس ، فضلا عن اطلالة الشفاء على كل ارجاء الساحل بامتداد عميق في اتجاه الغرب لاسيما في اقصى وقت من ساعات الأصيل، هي لحظات يعجز عنها الوصف لأنها حالة خاصة مرتبطة بعبقرية الطبيعة والدورة اليومية لتعاقب الليل والنهار ، ثمة فقط حالة شاعرية بامتياز ، الى جانب القلاع المتناثرة هنا وهناك ومنازل القرى التي تتجاور بحميمية في ملمح باذخ جميل تعزز لدى الرائي عفوية التساؤل والحوار للمعرفة ، لتكتشف عوالم متعددة وفنون العمارة التي طرزت اعاليها بأحجار المرو البيضاء وبأشكال هندسية منحتها تناغم واضح زاد من زهو المبنى وغدت تلك الاشكال أيقونة وتاج للبيت ، ومن الصعب جدا ان نقف في هذه العجالة على كل المعالم فضلا عن استحضار التاريخ بعصوره المتعددة ولكي لا تتلاشى ذاكرة المكان بإرثها الحضاري والثقافي نحن اليوم على موعد مختلف موعد اخر مع شخصية نذرت نفسها لأجل استعادة الماضي العريق ، ماضي العرب بكل قيمة الثقافية والحضارية يفتح لنا هذه الأيام الباحث والمؤرخ إبراهيم بن يحي الزهراني نافذة عريضة على مسارات التاريخ في دوس ومن رواق الجغرافيا نفسها ويتحدث عن التاريخ بكل قيمه الثقافية والحضارية ويستدعي كل شخصية على حده ، تلك الشخصيات التي كان لها دور في سياقات التاريخ الثقافي العربي وبعد ان جاء الإسلام وشع نور انتظمت شخصيات من دوس صوب ضوء الهداية ومنطلق الرسالة هناك في وادي غير ذي زرع عند البيت الله الحرام وفي ملاوي شعب عامر تلتقي الأطراف وتتعالى الدعوات من الهادي البشير لفقير دوس ووجيهها ، لتسهم دوساً مرة اخرى من جديد وبفاعلية في الثقافة العربية والإسلامية وذاك ما ينفض عنه اليوم غبار الزمن ولكي لا يكون حبيس رف الذاكرة .
ان هذا الحضور الفاعل للأستاذ إبراهيم من رواق الجغرافيا كان محفزاً للكثير من الشخصيات لمعرفة سلسلة تلك الحلقات التاريخية ووفودها العظيمة التي تقاطرت الى وادي ثروق بدوس عند حكيم العرب عمرو بن حممة الدوسي احد من تُضرب اليه اكباد الابل من نواحي الجزيرة العربية لطلب حكمته والاستئناس برأيه ، ولهذا فإنني اسجل صوتي من جديد ومن خلال هذه الصحيفة كما اعتدت من قبل حيث سجل لي الكثير من المقالات عن هذا الجزء الغالي من الوطن منطلقا من خلال بعدي البرنامج الوطني التحول والرؤية حيث سجلت هيئة السياحة اكثر من معلم وان نشدان التقدم والتطور مرتهن بهذا الحراك الثقافي والحضاري وان استدعاء الموروثات الثقافية من شانها تعزز جوانب مختلفة في مقدمتها الانتماء الوطني وعدم التأثر بالثقافات الدخيلة والذوبان في هذا المد العولمي المتلاطم ،الى جانب ما سيكون من روافد اقتصادية مجزية في الاتجاهين في الوقت الذي يتم فيه إعادة لتدوير المال يكون هناك منافذ شغل جديدة خصوصا ان اعد برنامجا وطنيا يهتم بإتاحة المجالات مع تكافؤ الفرص لكل الأطراف من خلال دورٌ مؤسسي ممنهج وفقا لخطة معتمد من قبل الجهات المعنية ، انني اعلم تماماً انني اعجز عن إيصال رسالة ثقافية فكرية كما ينبغي ولذا كما يقال اعط القوس باريها وسيكون الأستاذ إبراهيم هو من يمتطي صهوة الجواد في هذا المضمار وما جعلني اسجل حضور هنا الا لأسباب كثيرة من أهمها انني لا استطيع السفر لحضور دعوة قدمت لي بعنوان الباحة العمق التاريخي والبعد الثقافي واحسبه انه سوف يتطرق كمؤرخ الى هذا الجزء من الوطن من خلال ما لدية من حصيلة ثقافية وافرة في هذا الاتجاه ،ولهذا لا يسعني الا ان أتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان الى الجذوة المتقدة النادي الادبي بالباحة ومن خلال رئيسه الفذ الأستاذ حسن الزهراني الذي يعسى بخطأ حثيثة من اجل احياء ثقافة فكرية ومعرفية من خلال النادي باعتبار انه من سيشكل الحراك الثقافي في المنطقة وهذا بالتأكيد امتدادا لهذا الوطن المعطاء في ظل القيادة الرشيدة وفقها الله ، وقد سجل النادي حضوراً بالغاً واحرز ردود أفعالا في الأوساط الثقافية العربية ولايزال بكادره الموقر يوسع قاعدة المشاركة في صفوق المجتمع والبحث عن البدائل لإيصال الثقافة والمعرفة لكل الاطياف الاجتماعية الامر الذي عاد بنتائج فاقت دور جهات اكاديمية أخرى كما لا يفوتني ان اقف وقفة اجلال وتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير حسام يحفظه الله الذي احدث نقلة نوعيه في عموم المنطقة وفي كل الاتجاهات من خلال اقامة ورش العمل والقاءات الدورية في المراكز الحضارية وتدشين المواقع الالكترونية وتأكيده على ضرورة وجود المنصات الإلكترونية للتعرف بالمنطقة تراثيا وتاريخياً وتفاعله يحفظه الله بإيجابية مع كل القضايا. أجمل الامنيات للجميع بدوام التوفيق

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button