ناصر محمد العُمري

الباحة فرص الحضور ….في عصر القوى الناعمة

مبهجٌ ومختلف ذلك المساء الذي احتضنته قاعة الشيخ سعيد العُنقري بنادي الباحة الأدبي والذي شرفه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور حسام بن سعود ، وتحدث فيه الباحث /إبراهيم بن يحيى الزهراني عن العمق الثقافي والبعد التاريخي لمنطقة الباحة.   وكشف من خلاله عن مهابة التاريخ الذي يقف عليه إنسان الباحة اليوم ، وهو يتجذر في هذا الكون منذ أكثر من ٨٠٠٠ عام

كان إبراهيم يتحدث بلغة الشغوف العارف وعمق الباحث الذي يستنطق الشواهد ،ويسوق الدلائل فأثرى المساء بما يرقى لتشريف سمو الأمير.

أما رعاية الأمير لهذا المنشط فكان ترسيخاً لدعم القيادة الرشيدة للثقافة والفكر وتأكيداً على أهمية الثقافة والفكر والآثار والمتاحف والفنون والموسيقى والآداب كقوى ناعمة ومؤثرة .

وليس من غرابة فنحن نعيش عصراً تنموياً بامتياز ، يُعلي من شأن الفنون ولانخدع الواقع حين نسم هذه المرحلة من عمر دولتنا الفتية بمرحلة المثقف ، والعصر الذهبي حيث نرى بأعيننا البحث عن مصادر لتنويع الدخل وتقديراً عالياً للفنون والعلوم.

وماقُدم في أمسية (الباحة العمق التاريخي والعمق الثقافي ) قدّم الباحة على نحو يليق بها كتنوع جغرافي فريد ومورد اقتصادي غزير ، ووجهة سياحية جاذبة ومنطقة بكر يمكن أن تتحول إلى مفاهيم حديثة تحقق مستهدفات الرؤية الوطنية ٢٠٣٠ ومنطلقاتها

الإضاءات التي قدمها الأستاذ إبراهيم يحيى الزهراني حول تاريخ هذه المنطقة تدعونا لأن نتوجه له بالشكر على جهوده وإسهاماته البحثية وللأستاذ عماد الزهراني الذي عمل على تجسيد تلك الحقب بشواهدها لبجعلها رأي العين

ماعشناه في تلك الأمسية حقن في أوصالنا الفخر بأننا نتمنى إلى منطقة شهدت حضارات متعاقبة وأبجديات متنوعة شكلت وجه الحياة منذ اآلاف السنين ، وعلى أرضها نهضت حضارات عديدة ولاتزال  وهنا كانت بداية الاستيطان
وهنا موئل للتواجد الحضاري
واكتشاف المصاطب الزراعية
وتدجين الحيوان وانتشار المعرفة
وهذا يعني أنه هنا كان المحراث الأول والمنشار الأول والمقلاع الأول
وأوائل المنحوتات والملبوسات كما تُشير الدلائل والأحافير
وهذا يدعونا للتساؤل عن حياة الإنسان في ذلك الزمن ( اهتماماته -نشاطاته -فنونه -ملبسه -نظم حياته -احتفالاته – طقوسه وعاداته )
هذه المحاضرة لم تكن مجرد نشاط منبري لناد أدبي يرعاها أمير ، بل هي في عمقها دعوة للباحثين وأمنية بأن تكون الباحة قبلة لهم من أجل المزيد من البحث التاريخي المتعمق في مجالات متعددة

تلك الأمسية فوق مشاعر الفخر راكمت الحلم والأمنيات في أن تنجح مؤسسات التنشئة بمختلف مسمياتها في نقل هذا الشعور الموشى بعظمة المكان إلى الأجيال، وزرع هذا الشعور في نفوس الشباب والفتيات بما يخلق لديهم نهماً يعزز حضورهم انطلاقاً من عراقة وتاريخ المكان الذي ينتمون إليه
ضمن كيان هذا الوطن العظيم
وتلك الباحة التي تحدث عنها إبراهيم تستحق أن يكون بها متحف عالمي معاصر يستوعب خلف أسواره هذا العمق الثقافي والبعد التاريخي الذي تعلن عنه الباحة

الباحة في عصر الميديا يمكنها أن تقدم نفسها وأن تذهب بعيداً ، حين تنجح في صناعة محتوى احترافي تملأ به ظهر الفضاء وتعزز به حضورها البهي ّ

وأمام الباحة فرصة تاريخية اليوم بأن تنهض باتجاه تاريخها وأحلامها ومستقبلها ، فهي تعيش عصراً غير مسبوق في ظل قيادة مثقفة تعد بالأجمل

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button