#قلم_رصاص
مع بداية السنة الميلادية الجديدة تتجدد الأمنيات والآمال بأن تكون سنة “بيضاء” كما يُقال بأرض الكنانة، وأعتقد أن هذا التشبيه مأخوذ من البياض والصفاء والنقاء بأن تصبح السنة الجديدة خالية من المصائب والمشكلات.
وهناك اعتقاد سائد لدى بعض الديانات أن القيام بشُرب كوب واحد من الحليب في نهاية السنة الميلادية المنصرمة، ودخول السنة الجديدة سيجعلها خالية من كل سوء.
وهذه المُعتقدات تحدث بوعي وبلا وعي حتى إن البعض حينما يخاطب الآخر بلغة مليئة بشيء من اللطافة يقول له: “سنة حلوة ياقميل ” .
ولكن الواقع يقول: إنه ليس هناك عام كامل يمر مرور الكرام دون أن يعتريه شيء من المنغصات، والتأرجح بين المشاعر الإيجابية تارة، والمشاعر السلبية تارة أخرى.
ولكن الجانب النفسي والروحي في حياتنا يلعب دورًا هامًا في كيفية التعامل مع كل مايحل بنا من النوازل والمحن.
إن الصلابة النفسية لها الأثر الكبير في حياتنا لمواجهة المواقف والمتغيرات، بينما الهشاشة النفسية هي معول هدم في بناء الذات.
حينما نعيش أيامنا وليالينا بشيء من الرضا وتوكيد الذات والتوازن فيما نأخذ وما نُعطي حتى في مشاعرنا، وكل حركاتنا وسكناتنا والتعامل في حياتنا مع مبدأ التصالح مع النفس سنشعر معها بالسعادة والاطمئنان.
إن المشكلات والخلافات مع الآخرين تحدث وتأخذ حيزًا كبيرًا من حياتنا في ظل وجود مثيرات شتّى . .
البعض في مجتمعاتنا من الشخصيات النرجسية يعيش في نقمة مزمنة على مدار العام يقتات جُلّ يومه على فتات الآخرين مابين حقدٍ وغيرةٍ وحسد من أجل إلحاق الضرر النفسي أو الجسدي بغيره؛ لذا فهو يتألم قبل الآخر، وهو لا يعلم أن انعكاساتها ستدمره عاجلًا أو آجلاً ، “من راقب الناس مات همًا”.
هؤلاء لايكفيهم كوبًا من الحليب، بل إنهم لو شربوا حليب أبقار العالم لن تُغير في عامهم وشخصياتهم من شيء.
إن التسامح مع النفس ومع الآخر هو السبيل للعيش بسلام ..
حينما لاتحقق أهدافنا وتطلعاتنا في هذا العام فلا نبتئس ولا نحزن فاليوم الذي نعيشه في صحة نفسية وجسدية جيدة هو بمثابة عام بأكمله وما فاتكم اليوم تدركونه غدًا.
وهنا أستشهد بأبياتٍ لأمير الشعراء خالد الفيصل حينما قال:
إذا صفا لك زمانك عل ياضامي
اشرب قبل لايحوس الطين صافيها
الوقت لو زان ياصاح مادامي
ياسرع ماتعترض دربك بلاويها
إخصائي نفسي ومستشار علاج الإدمان