المتأمل في أزمات المنطقة دون عناء كبير سيدرك أن القاسم المشترك في مآسي المنطقة هي إيران التي عاثت في منطقتنا العربية فسادًا، وشاركتها تركيا التي أغراها الصمت الأممي، وأحوال العرب وتفككهم، وعدم اجتماعهم على كلمة سواء تحفظ أمنهم وأرضهم ومقدراتهم، فهاتان القوميتان الأعجميتان لديهما مشاريعهما التدميرية في منطقتنا لسرقة خيراتها، واستعباد إنسانها.
بالأمس القريب هلك وزير المستعمرات الإيرانية، لكن بقي أثره وأتباعه من العرب الذين تم احتلال عقولهم بالشعارات الجوفاء، فقائد فيلق القدس ماذا قدم للقدس؟ مجرد سؤال الإجابة المنصفة كفيلة ببيان حقيقته، ثم انظر إلى إجابة المواطن العراقي عبدالوهابالذي خرج مع مجموعة من المواطنين العراقيين في المظاهرات الأخيرة في بغداد، عندما سأله مقدم برنامج نقطة حوار على قناة البي بي سي ماذا تريدون؟ فكانت إجابته قصيرة في مبناها، عميقة في معناها، “نريد عراق بدون قاسم سليماني”!! إجابة تعبر عن حال ومقال كل عربي يتمنى أن يرى العراق سيد موقفه وقراره.
في المقابل انظر بتجرد وحياد إلى السعودية؛ لترى بمنظار الحق والعدل أنها في كل مناسبة ومحفل سياسي تجدد تأكيدها على موقفها الثابت في دعم أمن واستقرار المنطقة، والدعوة إلى اللجوء إلى سلاح الحوار وننبذ حوار السلاح، والتأكيد المستمر على إيمانها بمبدأ الحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية، وليس آخرها ما دعت إليه من التهدئة عقب هلاك جنرال الإرهاب، فالمنطقة العربية ليست بحاجة إلى المزيد من الصراع والحروب التي تزيد جراحها عددًا وألمًا.
فالموقف السعودي راسخ وداعم ومؤكد على الأهمية القصوى للقضية الفلسطينية باعتبارها منطلقًا نحو استقرار المنطقة، وأي حل للأزمة يجب أن يكون على أساس حل الدولتين وفقًا للمرجعيات الدولية، ومبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تضمن قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشريف..
في الشأن السوري، دائمًا ما تدعو السعودية وتؤكد على وحدة وعروبة سوريا، وضرورة التوصل إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري، ويضمن العودة الآمنة والطوعية للاجئين من أبنائه وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، مع تأكيدها المستمر على خروج جميع الميليشيات المسلحة من سوريا، التي تتبنى أجندات خارجية تسعى إلى تدمير سوريا، وجعلها مسرحًا لزعزعة أمن المنطقة وسلامتها.
والموقف السعودي في العراق لا يختلف عن مثيله في سوريا، حيث تتبنى المملكة مقاربة سياسية قائمة على أولوية تحقيق الاستقرار في العراق خصوصًا بعد الغارة الأمريكية التي أدت إلى مقتل قاسم سليماني وزمرته، وما اتصال سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برئيس الوزراء العراقي إلا استمرارًا للجهود السعودية في حفظ أمن واستقرار هذا البلد العربي الشقيق.
في اليمن قدمت المملكة الدعم الكامل للحكومة اليمنية والشعب اليمني في ظل الأزمة التي يمر بها، وفي شتى المجالات من أجل الوصول إلى حل سياسي شامل وإعادة الاستقرار لليمن. وقد تجلى ذلك مؤخرًا بالتوصل إلى اتفاق الرياض بين الأشقاء في اليمن.
في السودان أعلنت المملكة دعمها الكامل لاتفاق تقاسم السلطة الذي تم توقيعه في السودان، باعتباره اللبنة الأولى لبناء دولة متمكنة اقتصاديًا وأمنيًا، وقد تجلّى الدور السعودي في إعراب المبعوث الأفريقي إلى السودان “محمد الحسن ولد لبات” عن تقديره لدور السعودية في تسهيل التوصل إلى الاتفاق بين المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير.
كما لم تتوانَ السعودية عن محاولة انتشال ليبيا من أزماتها المتفاقمة، بدءًا من أزمة لوكربي الشهيرة، إلى رفضها وتنديدها بالتدخل التركي في الشأن الليبي، وخطورة ذلك على الأمن القومي العربي فضلا عن كونه انتهاكًا صريحًا لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمعاهدات الدولية.
وبالنظر إلى منطلقات الدور السعودي ومرتكزات التحرك لحماية الوطن العربي نجده يأتي من الدور الريادي السعودي في منطقة الشرق الأوسط انطلاقًا من ضرورات تحقيق الأمن والاستقرار فيها؛ حيث نذرت السعودية نفسها لخدمة أمتيها العربية، والإسلامية ونصبت نفسها حائط صد أمام مطامع الدول الطامعة في الأرض العربية، ولم يقتصر الدعم السعودي على المواقف السياسية، بل تجاوزها إلى الدعم المادي السخي، والمشروعات التنموية، التي لاتخفى على كل منصف، ولا يتسع المجال للحديث عنها.
وفي المجمل، فإن الدور السعودي دور قيادي ومحوري، في إطار مرتكزات سياسية ثابتةلاتتوانى عن خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وانطلاقًا من إيمان القيادة السعودية أن أي خلل في الأوضاع الداخلية أو أي انتهاك لسيادة بعض الدول العربية، هو مرض خطير يصيب الجسد العربي بأكمله، يجب التعامل معه عبر أدوات متنوعة، تستلزم توظيف القوة جنبًا إلى جنب مع تفعيل الدبلوماسية، وبالتوافق مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء الدوليين لمواجهة التحديات المختلفة، والحفاظ على أمن واستقرار هذا الجزء الحيوي من العالم.