أشفق كثيرًا على بعض المسئولين الذين غادروا مناصبهم إلى غير رجعة إما لعدم كفاءتهم أو لوصولهم لمرحلة التقاعد، وكذلك بعض المشاهير الذين فقدوا بريقهم ودخولهم في عالم النسيان، وخروجهم من ذاكرة الناس يحزنني كثيرًا حينما يأتون إلى المجالس والمنتديات، ويتحدثون عن أنفسهم ومنجزاتهم، وكيف كانوا بشكل يستفز بعض الحضور، والبعض الآخر يشفق على حالهم، وما وصلوا إليه من هذيان بعد أن ابتعدوا أو أبعدوا عن دائرة الضوء وعالم الفلاشات، وهذا في الواقع حال الدنيا وكما يقال: (لكل زمان دولة ورجال).
والصحيح أنه حينما يغادر المسئول منصبه أو يخبو بريق شهرته عليه في هذه الحالة أن يترك للناس أن تتحدث عنه، وعن منجزاته لا أن يغث الناس بالحديث عن نفسه؛ وكأنه أسطورة من الأساطير والشيء المؤلم أنه لايعلم أنه بحديثه عن نفسه يثير سخرية المستمعين له واستيائهم منه، ولكنهم يستمعون له مجاملةً
فلاداعي أن تزعج الناس بالحديث عن نفسك، الشيء الجميل في الموضوع أن مثل هؤلاء يعرفون تمامًا أنهم في طي النسيان، ولن يستطيعوا البقاء إلا في أعمال ومنجزات ترسخ في عقول الناس، وتجعلهم يتحدثون عنها بين الفينة والأخرى بشكل يدعو للفخر والاعتزاز بهم وبمنجزاتهم، ولايمكن لشخص مهما كانت إمكانياته اللغوية والمادية أن يصنع لنفسه تاريخًا لايوجد له أصل على أرض الواقع.
لاتتحدثوا عن أنفسكم اتركوا الناس تتحدث عنكم وعن سيرتكم العطرة إن وجدت، وعن منجزاتكم إن تحققت، والتي لايمكن محوها مهما مرّ عليها من زمن فالتاريخ كالعادة (إما أن يكتب لك أو عليك).
0