كل إنسان في الأصل داخله الخير، إلا حين يتملكه الشر فيصبح دخيلًا عليه ويستحوذ على الجزء الهام من حياته ألا وهو تفكيره، فحين يغلب على الإنسان التفكير فقط بحدود الشر يصبح مهيأ لفعل الأخطاء الشنيعة، التي تدمر اللحمة الاجتماعية.
كما هو الحال في الشخصية السايكوباتية، ففي تعريفه هو الشخص المعتدل نفسيًا الذي يرى نفسه إنسانًا عاقلًا، وواعيًا، ومدركًا لمشاعره تجاه الآخرين، ويتصرف دومًا وفق ذلك الأمر، الذي يراه طبيعيًا، بل يصل به إلى أن يرى نفسه المثالي.
بينما هو في التعريف المقابل الصحيح؛ شخص معتل نفسيًا يجيد التمثيل دور الإنسان السوي، الإنسان المتمكن من تداوته التمثيلية، الذي يستطيع من خلاله التأثير على الآخرين، وإجبارهم على فعل الخطأ عن اقتناع وفق رؤى صحيحة، والتلاعب بمشاعر الآخرين، إلى أن يصل به أن يلحق الأذى المدبر بهم ليكن هو وحده ولا غيره.
“عطفًا عن التلذذ الذي يستمتع به جراء ذلك الأذى الذي يُصدره للآخر، فالأذى المقصود هنا؛ هو كل ما يتعلق بمسمى الأذى، من التلفظ إلى الجريمة إلى القتل في بعض الأحيان، فسايكوباتي لا يكترث بالمشاعر، بل إنه معدوم الإحساس”.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه؛ هل السايكوباتي عايش بيننا؟
الإجابة باختصار؛ نعم، وبالتحديد وبالخصوص نجدهم في مواقع التواصل الاجتماعي، لمّا لها أثر على المجتمعات المحلية، في حين نرى من يشتم ويدنو في أعراض البشر بغية الحفاظ على الدين، وتارة نراه يندد ويصرخ بالمصطلحات التي تحافظ من منظورة على قيم المجتمع حجته المصلحة العامة، ندرك لاحقًا أنه يلهث وراء مصلحته الشخصية، فلا يكترث نهائيًا بالمصلحة العامة في سبيل الحصول على ما يصبو إليه، نعم هذا هو السايكوباتي؛ الذي شعاره الدين والحفاظ على القيم، لكنه يزرع يقينًا الفتنه والتفرقة بين أطياف المجتمع المختلفة بتلك الشعارات التي تكون ضد الدين، العلم، والتقدم، والوقوف على أعتاب الماضي.
ففي الجانب الآخر نرى أيضًا من يعتلي موجة الليبرالية؛ باسم الحريات المطلقة الشخصية لكل فرد بالمجتمع التي يقاتل عليها ذلك المعتل بشراسة، بمفاهيم الحرية الخاطئة الذي يغذي بها الفرد؛ تُغرم المجتمع اضرار وخيمة باسم الحريات المطلقة الشخصية، فحين نبحث عما وراء نواياه نكتشف بأنه هو ليس إلا محاولة لتغريب المجتمع بشتى الطرق وطمس الهوية العامة لشكل المجتمع المحافظ، فهذه الشخصية لا تؤمن بتعددية الفكر، ولا اختلاف الرأي، ولا تهتم بالعلم في الأصل، ولا التقدم، ولا الوصول للحضارة، فكما ذكرت سلفًا، نعم هذا هو السايكوباتي؛ الذي يزرع يقينًا الفتنه والتفرقة بين أطياف المجتمع المختلفة باسم الحريات المطلقة الشخصية.
‘‘نعم هذا هو السايكوباتي؛ المعتل الذي يخدم نفسه، لا يأبى بوطن ولا دين ولا مجتمع، إنما هو مكرس نفسه لتوجهاته وخدمة مصلحته الشخصية التي تأتي في المقام الأول، فانتشار تلك الشخصية وخاصة في المواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة تدعو للقلق الحقيقي فإنها تعيق كل شيء متطور، ومتقدم، في كلا الاتجاهين؛ إذا أردنا تحقيق الرؤية 2030 بكل المكتسبات المستقبلية المنشودة من قبل قيادتنا الحكيمة، فإذًا علينا دور مجتمعي مهم التحذير ثم التحذير من تلك الشخصيات المؤثرة في الجيل الصاعد الذي هو في طور تكوين الفكر والتوجه، كما أني أرجو من الدكاترة والإخصائيين في علم النفس، تكثيف الدور المجتمعي لتوعية الأفراد من أضرار تلك الشخصيات وطرق التفادي وكيفية وضع الدرع للحماية من سلبيات الشخصية المؤثرة‘‘.
عبدالله الشاطري
ما شاء الله تبارك الله ، مقال ممتاز ، الله يوفقك لما فيه الخير والصلاح. نترقب مزيداً من المقالات الهادفة إن شاء الله.