هاني سعيد الغامدي

وزارة العمل تضخم إداري وانكماش أدوار

عند الحديث عن وزارة العمل دائمًا مايدور النقاش مع المهتمين حول التوطين‪ ‬والتعامل المتواضع لوزارة العمل مع هذا الملف؛ ولذلك قررت اليوم البحث سريعًا خلف الأسباب التي تقف وراء هذا التعثر، وقمت بزيارة الموقع الإلكتروني للوزارة، وبالضغط على أيقونة خدمات الوزارة صدمت بأن وزارة العمل تقدم 27 خدمة جميعها تدور حول خدمة المنشآت والوافدين ومنها ((إصدار رخص العمل، استعادة كلمه المرور، إلغاء التأشيرات، الموافقة على عقد تأجير خدمات عمالة، تعديل بيانات تعاقد العمل …إلخ )) ولم أجد ولا أيقونة واحدة تعنى بملف التوطين.

ومن هذا المنطلق قررت أن أشارككم النتائج من خلال الأسئلة التالية:

أولًا: هل لازال هناك أي مُبرر لما نشاهدة موخرًا من تعيينات على مستوى النواب والوكلاء ومدراء العموم بوزارة العمل ؟ طبعًا لا فمن يبحث في خدمات شركة تكامل القابضة التي تم إنشاؤها عام 2016 ميلادي والتي تعنى بالبرامج التالية  (إشراف، مواءمة، مساند، تمهير، قرة، أجير، دروب، تسعة أعشار، العمل عن بعد … إلخ) التي يُقال بأنها ستمكن كافة أعضاء المجتمع من العمل والتطور والاستقرار في سوق العمل، وأيضًا “طاقات” المنصة الإلكترونية الشاملة لسوق العمل، ومزودي خدمات التوظيف سيجزم بأن الوزارة لا دور مباشر لها في ملف التوطين والذي لا أنصح أي أحد بخوض نفس التجربة تجنبًا للإصابة بالإحباط.

ثانيًا: ماذا تقدم الوزارة اليوم في جانب حماية حقوق الموظف بناء على مايتضمنه نظام العمل والعمال؟ المتعايش مع الواقع سيعلم بأنها لا تقدم شيئًا يذكر خصوصًا في جانب تسوية الخلافات العمالية فبعد إنشاء المحاكم العمالية أصبح دور وزارة العمل أشبه بإدارة الوارد والصادر التي تسجل أقوال المدعي والمدعى عليه، وتقوم بتحويل الموضوع للمحاكم العمالية حتى في أصغر الأمور لافتقارها للصلاحيات.

ثالثًا: ماذا تقدم الوزارة اليوم في جانب الشؤؤن الاجتماعية ؟ المشاهد لمواقع التواصل الاجتماعي والحالات التي اصبحت في تزايد بشكل يومي حتى أصبحت تسيء لسمعة الوطن، بل ساهمت في وجود محتوى للمتربصين بوطنا الغالي يمارسون من خلاله دوافعهم أجزم بأنه سيتفق معي بأنها لم تعد تقدم شيئًا ملموسًا في جانب الحماية الاجتماعية.

رابعًا: في ظل تطور الخدمات الإلكترونية بمنصة وزارة العمل هل لازال هذا التوسع الإداري مُبرر ؟ طبعًا وبكل تأكيد لا، في زيارة سابقة لي لوزارة العمل بمنطقة مكة المكرمة شاهدت مباني متهالكة، وبعضها مغلق حتى وأنها أشبه ماتكون خالية من المراجعين وبالسؤال أفادني أحد الموظفين بأن أغلب الأعمال اليوم يتم إنهاؤها إلكترونيًا.

خامسًا: ماذا قدمت الوزارة في الجانب الرقابي حتى اليوم ؟ أجزم في ظل الاختراق المتعمد من قبل أعداء الرؤية في سوق العمل لأنظمة ولوائح وزارة العمل بأن الدور الرقابي حتى اليوم عاجز عن أداء الدور المطلوب منه، ولو أردت الحديث عن هذا الموضوع بحكم تخصصي وخبرتي لاحتجت لمجلدات للحديث عن فنون اختراق الأنظمة من قبل الشركات والمؤسسات.

وبعد تلك التساؤلات، أستطيع أن أقول بأنه لم يعد هناك أي حاجة للتوسع الإداري في الوزارة في ظل انكماش أدوارها، والتي انعكس مؤخرًا في عدم قدرتها على إحداث أي نقلة نوعية في جانب توظيف الكفاءات الوطنية وحماية حقوق الموظفين بالقطاع الخاص؛ لذلك لا زلت أكرر بأننا أصبحنا بحاجة ماسة للتعامل مع المقترح الذي سبق وأن تطرقت له من خلال العديد من القنوات بأن ملف التوطين حان الوقت لنقله لوزارة الداخلية، وأن يقتصر دور وزارة العمل على الخدمات التي تقدمها اليوم للمنشآت والوافدين والمذكورة في موقعها الإلكتروني، وأن يتم إيقاف جميع المبادرات والبرامج التي تم إطلاقها موخرًا، وإيقاف أي دعم مالي للقطاع الخاص في جانب المساهمة في رواتب السعوديين التي أصبحت اليوم  يُساء استغلالها من قبل بعض المنشآت ذات التوطين الوهمي تجنبًا لإهدار المال العام، وسعيًا لإعادة بث الأمل لدى الباحثين عن العمل من الكفاءات الوطنية المهدرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى