هذا العنوان كان لمحاضرة الدكتور جيم كرين التي القاها يوم الأربعاء بتاريخ 27/5/1441هـ في قاعة المحاضرات بمبنى مؤسسة الملك فيصل الخيرية وقد سعدت بالحضور وسرني كثيرا ماتطرق اليه الدكتور جيم كرين ، كون منطقة الخليج تمضي بثبات نحو المستقبل، وقد تحدث في محاضرته عن تسارع التنمية في الخليج العربي واستعرض بعض الصور ببعديها الماضي والحاضر ، ولك ان تتخيل عزيزي القارئ كيف كانت المدن الخليجية قبل أربعة عقود إن جاز لي هذا التعبير لان كلمة مدن لها دلالتها ومعناها ، تحدث السيد جيم عن مسارات التنمية وفقاً لتصورات موضوعية ومنطقية بعد ان عُد لذلك برنامجاً حاسوبياً يرصد مراحل التطور والتنمية ويقارن ذلك مع بعض الدول المتقدمة ، واستعرض تلك المسارات مع ما يواكبها من مد وجزر في السياسة مع ما يصاحب ذلك من سجلات إعلامية وتهديدات كون منطقة الخليج تعد مصدرا للطاقة لكل دول العالم ، وكيف ان المملكة استخدمت عقوبة قطع النفط جراء بعض التجاوزات من الدول الكبرى على بعض الدول العربية بتزويد إسرائيل بالأسلحة ،الى جانب النزاع العربي الإسرائيلي الذي شكل فجوة كبرى في شكل العلاقات بين الخليج والدول المتقدمة ، الامر الذي تمخض عنه قطع امدادات الطاقة عن أمريكا والغرب وذلك من منطلق الدعم للقضية الفلسطينية ورداً على الانحياز الغربي لإسرائيل ، ولاشك انها كانت مرحلة فارقة في التاريخ ولا يمكن استدعاء تلك الحقبة دون استحضار الشخصية الأسطورية التي قطعت النفط عن الولايات المتحدة الامريكية عندها ادرك الغرب ان الكثير سيحصل في الجغرافيا السياسية في هذه المنطقة من العالم وان مماليك الخليج تسعى الى مخالفة التوجهات البغيضة وقذارة السياسة العمياء وانهم يسعون الى شراكات قوية وعميقة مع توجهات صادقة لبناء المكان والانسان وفق ما تمليه القيم والمبادي والمثل العلياء ولان الإسلام الذي هو من يؤسس لهذه القيم على مبدأ التكريم والاحترام وضمان الحقوق.
إن ذلك التاريخ يعد لوحة مشرقة في السياسة السعودية ، ولذا كنت أرى ان تتقدم السياسة على الطاقة من عنوان محاضرة الدكتور جيم لان للعنوان بعدا اخر والعنوان هو بالضرورة دليل الى غيره ومنه تتوارد حقيقة المعلومات وتقود الى فضاء معرفي أوسع حول السياسة التي انتهجتها دول الخليج عموما والمملكة على وجه الخصوص ، وبرغم أهمية الطاقة الا ان القرارات الحكيمة مع الصبر والتاني التام واتخاذ القرار الحاسم وفي الوقت المناسب ساعد على إدارة الازمات مع استثمار وافٍ لكل معطيات الثروة دون مجافاة للتاريخ والثقافة والجغرافية وقد اسهمت القيادة خلال تلك المراحل الحرجة والمأزومة بمستقبل واعد وضع المملكة في الصدارة دون التغاضي قيد انملة عن الثوابت وقيم الاصالة ، وهذا الاستشراف لأفق المستقبل كان من منظور قيادة واعية تدرك المراحل اللاحقة باعتبار الجوانب الإنسانية وحقوق الشعوب ونصرت المظلومين وحق تقرير المصير، وهذا ما تقره كل الشرائع السماوية وتدعوا اليه المنظمات الدولية وحقوق الانسان وعندما كانت تلك هي المرتكزات للقيادة السعودية ظلت الشعوب العربية من حولنا تهتف للمملكة ولحكامها وينظر الينا العالم نظرة تقدير واحترام وجلال مع ان الاعلام في تلك المرحلة غربيُ بامتياز والغرب يستطيع التأثير وبشكل مباشر في كل أوروبا وامريكا ،وهنا ندرك تماماً دور القيادة الحكيمة أسهمت في إيصال الرسائل الإيجابية في الاروقة السياسية واستطاعت ان توثر وتجعل من ذلك العداء الى شراكة بينيه استمرت عطاءاتها لتطال الإنسانية من خلال العديد من البرامج التنموية من متواليات النفط والطاقة والتي استفاد منها الشرق والغرب وأصبحت تشكل التنمية المستدامة في المنطقة ، واليوم يدرك الغرب ان تنظير المرحلة السابقة ذهبت ادراج الرياح وهي التي استهلكت المال دون ان تسجل جدوها الاقتصادية لمساراتها المرسومة ، وان مماليك الخليج تقف على ارض صلبة وان نظريات الحداثة التي نُظّر لها حول زوال السلطات في الخليج هي في واقعها مفهوم خاطئ وهدر للمال ومعادات للشعوب ، في المقابل لذلك ان التلاحم مع القيادة هو أساس ومنطلق الوحدة الوطنية وان السلطات في الخليج لا تستخدم الوسائل القسرية لإنجاز مفهوم التلاحم والتعاضد مع القيادة ،لأنها انطلقت من البعد الجغرافي والسياسي قبل الطاقة والنفط . والى لقاء.
0